لروايته ويندرج فى الأول ما ذكره الآمدى وهو أن الحديث الذى ينكر فى رواته الأصل الفرع يرجح على ما أنكر وكذا الخبر الذى أنكر الأصل رواية الفرع عنه إنكار نسيان ووقوف يرجح على ما أنكره إنكار تكذيب وجحود وذلك لأن فى كل من الصورتين قد أنكر الراوى أخبر الروى وإنما لم يتعرض المحقق فى أمثال هذه المواضع لبيان وجه الترجيح لظهوره وهو أن الظن الحاصل به أقوى.
قوله:(لأن أكثر النهى) قيد بذلك لأن كلًا من الأمر والنهى قد يكون تعبدًا محضًا لا يدرك فيه جهة مصلحة أو مفسدة هذا إذا أريد بالأمر والنهى الإيجاب والتحريم وإن أريد أعم من ذلك فظاهر.
قوله:(ولأن النهى للدوام) هذا ما قال الآمدى لو قدر وكون كل واحد منهما مطلقا فإن أكثر من قال بالخروج عن العهدة فى الأمر بالفعل مرة واحدة نازع فى النهى.
قوله:(ولقلة محامل لفظ النهى) أما بحسب ما يستعمل لأن فيه من المعانى الحقيقية والمجازية فلما ذكر فى موضعه من أن الأمر يستعمل فى ستة عشر معنى والنهى فى ثمانية وأما بحسب الحقيقة فلما ذكر الآمدى أن النهى متردد بين التحريم والكراهة، والأمر دائر بين الوجوب والندب والإباحة على بعض الآراء.
قوله:(وهذا هو القول الصحيح) قال الآمدى الأمر وإن ترجح على المبيح نظرًا إلى أنه عمل به لا يضر مخالفة المبيح ولا كذلك بالعكس لاستواء طرفى المباح وترجح جانب المأمور به إلا أن المبيح ترجح على الأمر من أربعة أوجه الأول: أن مدلول المبيح متحد ومدلول الأمر متعدد كما سبق، الثانى: أن غاية ما يلزم من العمل بالمبيح تأويل الأمر بصرفه عن محمله الظاهر إلى محمله البعيد والعمل بالأمر يلزم منه تعطيل المبيح بالكلية، والتأويل أولى من التعطيل، الثالث: أن المبيح قد يمكن العمل بمقتضاه على تقدير مساواته للأمر وعلى تقدير رجحانه والعمل بمقتضى الأمر متوقف على الترجيح وما يتم العمل به على تقديرين أولى مما لا يتم العمل به إلا على تقدير واحد بحيث إن العمل بالمبيح بتقدير أن يكون الفعل مقصود للمكلف لا يختل لكونه مقتدورًا له والعمل بالأمر يوجب الاختلال بمقصود الترك بتقدير كون الترك مقصودًا ومعنى إمكان العمل بالمبيح على تقدير مساواته للأمر وهو أنهما إذا تساويا تساقطا وبقى كل من الفعل والترك على جوازه الأصلى ولا يخفى أن هذا إنما هو على تقدير أن لا يسبقه إيجاب أو تحريم.