قوله:(الثالث ما هو للإباحة) كأنه وقع فى نسخة الشارح العلامة: والإباحة على النهى فاعترض بأنه يستلزم ترجيح النهى على النهى لترجحه على الأمر المرجح على الإباحة الرجحة على النهى وأجاب بأنه ليس بمحال عند اختلاف جهات الترجيح ولا يخفى ما فيه بل الصحيح الذى عليه النسخ: والنهى بمثله على الإباحة وظاهره ما فهيه الشارحون هو أن النهى يرجح على الإباحة ورده المحقق بوجهين أحدهما أنه معلوم من ترجيح النهى على الأمر المرجح على الإباحة وثانيهما: أنه لا معنى حينئذ للفظ "بمثله" ولما كان ظاهرًا وهو أن ما دل على ترجيح الأمر على الإباحة وهو الاحتياط قال على ترجيح النهى عليها دفعه بأن هذا الدليل غير مذكور فى المتن فالإشارة إليه بمثله بعيد جدًا وأنت خبير بأن هذا الاستبعاد أبعد منه جدًا لأن مثله فى هذا الكتاب أكثر من أن يحصى وبه يندفع الوجه الأول أيضًا من الرد لأنه إشارة إلى أن ترجح النهى على الإباحة ليس مبنيًا على ترجحه على الأمر الرجح على الإباحة بل الدليل قائم فيه بعينه حتى لو لم يكن النهى مرجحًا على الأمر لكان ترجيحه على الإباحة بحاله ولا يخلو أيضًا عن إشارة إلى اختلاف فيه كما فى الأمر ولذا قال الآمدى المبيح مقدم على النهى على ما عرف فى الأمر وأما ما ذهب إليه الشارح فمن التأويلات البعيدة والتكليفات الباردة التى لم تخطر ببال المصنِّف ولم يذكرها أحد فى مقام الترجيح ولم يحتج إليها قط فى استنباط الأحكام ولا أرى عليه باعثًا سوى الترفع عن الاتباع والتشوق إلى الابتداع وإلا فهو أبعد مما استبعده أن مرة ومع ذلك فلا تظهر له جهة لأن حاصله أن المبيح الذى قد يستعمل للتحريم يرجح على المبيح الذى لا يستعمل له أصلًا ومبناه على ترجيح النهى على الإباحة لكن التعارض بين المبيحين مما لا يتصور.
قوله:(إذا قرب مع قربهما) كالسبب الذى بلا واسطة والذى بواسطة واحدة وهذا مشعر بأن الواقع فى نسخته: أو قربه وفى أكثر النسخ: أو قوته أى بقوة تصحح ذلك المجاز بأن تكون العلاقة بينه وبين محل حقيقته أقوى من الذى بين المجاز الآخر ومحل حقيقته وقوله: أو بأن مصححه قريب دون الآخر شرح لقوله: أو قرب جهته أى جهة ذلك المجاز وذلك كإطلاق السبب على المسبب يقدم على إطلاق المسبب على السبب لأن السبب لا يوجد بدون مسببه والمسبب قد