للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (والذاتى ما لا يتصور فهم الذات قبل فهمه كاللونية للسواد والجسمية للإنسان ومن ثمة لم يكن لشئ حدّان ذاتيان وقد يعرف بأنه غير معلل وبالترتيب العقلى).

أقول: الذاتى ما لا يتصور فهم الذات قبل فهمه فلو قدّر عدمه فى العقل لارتفع الذات كاللونية للسواد والجسمية للإنسان إذ لو خرجتا عن الذهن لبطل فهمهما فرفعهما رفع لحقيقتهما بخلاف المتضايفين، وكان أجل أنه لا يعقل الذات قبل فهم الذاتى كان الحد الحقيقى بتعقل جميع الذاتيات وذلك لا يتصوّر فيه التعدد فلم يكن للشئ حدّاد ذاتيان إلا من جهة العبارة بأن يذكر بعض الذاتيات بالمطابقة تارة وبالتضمن أخرى وأما غيره فيتعدد لجواز تعدد اللوازم والأسماء المشهورة وقد يعرّف الذاتى بأنه غير معلل أى لا يثبت للذات بعلة فالسواد للسواد ليس بعلة أصلًا وكذا للونية لتقدمها عليه بخلاف الزوجية للأربعة فإن الزوجية معللة بالأربعة وقد يعرّف بالترتيب العقلى. أى هو الذى يتقدم على الذات فى التعقل وهذا يختص بجزء الحقيقة وهما راجعان إلى الأول.

قوله: (ما لا يتصور فهم الذات) على لفظ المبنى للفاعل كان تصوّر الشئ صار ذا صورة أى لا يمكن أو المبنى للمفعول بمعنى لا يعقل، ولا يقبل العقل أن تنكهم الذات قبل فهمه وظاهر هذا التفسير شامل لما يكون فهمه فهم الذات كالمتضايف وتأوله الشارح بما يكون رفعه رفع الذات أو سببًا لرفعها، فإن هذه خاصة مساوية للذاتى لا تتناول شيئًا من اللوازم والمتضايفات وأما لوازم الماهية فلا ترد لأن فهمها لا يكون إلا بعد فهم الذات.

قوله: (فلو قدّر) الأظهر فلو ارتفع لأن ارتفاع الذات لازم لارتفاع الذاتى لا لتقدير ارتفاعه.

قوله: (إلا من جهة العبارة) كما يعبر عن الجنس القريب للإنسان تارة وبالحيوان وتارة بالجسم النامى الحساس المتحرك بالإرادة.

قوله: (غير معلل) الذاتى لا يعلل أى ثبوته للذات لا يكون بعلة؛ لأنه إما نفس الذات أو جزؤه المتقدم بخلاف العرضى فإنه إن كان عرضًا ذاتيًا أوّليًا يعلل بالذات لا محالة كزوجية الأربعة وإلا فبالوسائط كالضحك للإنسان لتعجبه، وما يقال إن

<<  <  ج: ص:  >  >>