والإثبات صار اللازم مثل الذاتى فى عدم كونه معلولًا فإن الزوجية مثلًا لا تكون معللة باعتبار نفسها بل كونها معلولة ليس إلا باعتبار الثبوت والاتصاف فاعتبر الشارح الثبوت فى الذاتى أيضًا وبين عدم كونه معللًا حتى ظهر الفرق.
اعلم أنه لا يكون فى الذات نفسه ثبوت وانتساب إلا بالتغاير الاعتبارى فإذا اعتبرنا جهة التغاير لا يكون الثبوت بين الذات مع جهة التغاير فى طرف، وبين الذات مع جهة التغاير فى طرف آخر أى: لا يكون المثبت مجموع الذات والجهة والمثبت له أيضًا كذلك فإنا إذا لاحظنا زيدًا من حيث إنه كاتب ولاحظناه بوجه آخر صح منا ملاحظة ثبوت زيد لنفسه ولا نعنى أن زيدًا مع صفة الضحك مجموعهما ثابت لمجموع زيد مع وجه آخر إذ ليس هنا ثبوت شئ لنفسه بل تكون ملاحظة جهة التغاير لتصحيح اعتبار الثبوت بين الشئ ونفسه، وكلما كان ثبوت شئ لآخر معلالًا يجب أن يكون الشئ الثابت متأخرًا عن العلة كما فى وجود المعلول من العلة فإن تأثير العلة ليس إلا فى ثبوت الوجود للمعلول واتصاف المعلول به لا فى نفس الوجود مع أنهم يقولون: الوجود متأخر عن العلة فإذا كان الذات علة لثبوت نفسه له فنفسه الثابت متأخر عنه فلزم تقدم الشئ على نفسه وكذا الحال فى الذاتى الذى هو الجزء لقائل أن يقول ثبوت شئ لآخر لا يلزم أن يكون بمعنى اتصاف الآخر بذلك الشئ كما فى ثبوت الوجود للماهية فإن ثبوت الجزء للكل ليس بمعنى اتصاف الكل بالجزء وأيضًا لا يلزم أن يكون المتقدم على ذلك الثبوت متقدمًا على الثابت فإن ثبوت الجزء للإنسان متأخر عن علته التى هى الحيوان والجسم لا يتأخر عن الحيوان بل يتقدم عليه، فالصواب أن يقال: ثبوت للذات لو صدر عن الذات لزم أن يكون ثبوت الذات للذات متقدمًا على ثبوت للذات، لأن تأثير الذات فى الثبوت متأخر عن ثبوت الذات لنفسه إذ العقل يحكم بأن الذات بين بنفسه فوقع منه التأثير وهذا أقرب مما قاله فى حاشية الحاشية لبيان عدم كون السواد علة لثبوت اللونية له فإنه قال هناك: لو كان السواد علة لثبوت اللونية له لكان متقدمًا على ثبوتها له فيكون ثبوته فى نفسه متقدمًا على اللونية له وهو محال فإن قلت: يمكن تسليم أن ثبوت السواد فى نفسه متقدم على ثبوت اللونية له ومتأخر عن السواد المتأخر عن نفس اللونية لا عن ثبوتها له ولا استحالة فى تقدم نفس اللونية على ثبوت السواد وتأخر ثبوت اللونية له عن ثبوت السواد قلت: