للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العقل يحكم بأنه يثبت الجزء للكل فيثبت الكل فيجب تقدم ثبوت الجزء للكل على ثبوت الكل كما يجب تقدم نفس الجزء على نفس الكل وتبوته، لقائل أن يقول: ثبوت الجزء للكل أمر كان فى نفس الأمر كثبوت الجسم للإنسان وهو نسبة قطعًا والنسبة متأخرة عن الطرفين فلزم تقدم السواد مثلًا على ثبوت اللونية له فهذا التقدم إن اقتضى تقدم ثبوت السواد فى نفسه على ثبوت اللونية له يلزم الحال وإن لم يقتض ذلك بل يكفى تقدم نفس السواد فيثبت شئ مقدم على ثبوت الشئ الآخر له ولا يكون ثبوته فى نفسه مقدمًا على ثبوت الشئ الآخر له فلا وجه لقوله فى تلك الحاشية: لو كان السواد علة لثبوت اللونية له لكان متقدمًا بالذات على ثبوتها له فيكون ثبوته فى نفسه متقدمًا على ثبوت اللونية له فإنه لا يتفرع التقدم الثانى على التقدم الأول بل يتفرع على كون السواد علة فيجب ترك التقدم الأول وأن يقال: لو كان السواد علة لثبوت اللونية له لكان ثبوته فى نفسه مقدمًا على ثبوت اللونية له قيل: على هذا المقام أن القوم قد حكموا بأن ثبوت الشئ للشئ فرع عن ثبوت ذلك الشئ المثبت له فى نفسه وهم يدعون الضرورة فى ذلك، ولم يقولوا: إن هذا الحكم مبنى على أن المثبت له علة ومصدر ولم يقولوا أيضًا: إن هذا الحكم فيما إذا كان ثبوت شئ لشئ بمعنى اتصاف الشئ الثانى بالشئ الأول حتى يقال: إن الأمر فى الجزء والكل ليس كذلك وأنت تعلم أن هذا القول مدفوع بأن معنى ثبوت شئ لشئ هنا اتصاف الشئ الثانى بالشئ الأول وغير هذا المعنى توهم وقولهم: ثبوت الذاتى للذات يكون بمعنى الكون له على وجه يمكن أن يلاحظ بين الشئ ونفسه وبين الكل وجزئه لا بمعنى الاتصاف.

قوله: (والحجة ناهضة على ذلك) لا يقال: هذا التحقيق يقتضى أن يعلل كل فرد من أفراد العرضى إما بالذات أو بأمر خارج عن الذات ولا يوجد فرد منه معلل بالجزء إذ لو وجد ذلك الفرد العلل بالجزء لدخل فى تعريف الذاتى؛ لأنه يصدق عليه أنه لا يعلل أى: لا يثبت للذات بعلة هى نفس الذات أو خارجة عنه لأنا نقول: لا يتصور أن يكون فرد من العرضى ثابتًا للذات بلا مدخلية الذات إذ الذات معروضة فكل من أفراد العرضى يكون علته إما بالذات أو مركب منه وغيره وهذا المركب خارج عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>