منهما، وحاصل الأول أن حقيقة البرهان وسط يستلزم حصول أمر فى المحكوم عليه لما تقرر من أنه لا بد فى الدليل من وسط مستلزم للمطلوب حاصل للمحكوم عليه، (فلو قدر فى الحد وسط) يستلزم حقوله للمحدود (لكان) الوسط (مستلزمًا لحصول عين المحكوم عليه) لنفسه (لأن الحد) الحقيقى التام (ليس أمرًا غير حقيقة الحدود تفصيلًا وفيه تحصيل الحاصل) لأن ثبوت الشئ لنفسه بين فإذا تصور النسبة بينهما حصل الجزم بلا توقف على شئ أصلًا ولا يمكن إقامة البرهان إلا بعد تصورها المستلزم للحكم؛ فهو حاصل قبل البرهان فيلزم المحذور ولا يرد أنهما متغايران قطعًا فإن المحدود مجمل والحد يفصله إذ لولاه لم يتصور هناك نسبة يحكم بها بداهة أو برهانًا وحاصل الثانى أنه لا بد فى إقامة الدليل من تعقل المفرد الذى يقام الدليل على حال من أحواله أى المحكوم عليه وهو الحدود ههنا من حيث يقام عليه الدليل لوجوب تعقل ما يستدل عليه من جهة ما يستدل عليه كما إذا أردنا إثبات أن العالم حادث فلا بد من تصوره من حيث إنه حادث فلو أقيم البرهان على ثبوت الحد للمحدود فلا بد من تصوره من حيث الحد أولًا فتعقل حقيقة المحدود بالحد حاصل قبل الدليل على ثبوته له فلو استدل عليه ليجعل ذريعة إلى تصوره بالحد لزم الدور لكن اللازم من هذا الوجه امتناع الاستدلال على ثبوت الحد للمحدود ليجعل ذلك ذريعة إلى تصوره بالحد لا امتناع الاستدلال عليه مطلقًا كما فى الوجه الأول وأيضًا هو مخصوص بالحقيقى التام واجراؤه فى الناقص لا يتم إلا إذا كان الحدود متصورًا بالكنه فلا فائدة فيه وأما فى الرسمى فيتوقف على اشتراط كونه لازمًا بينًا بخلاف الثانى فإنه عام فى الكل وإذا أراد تطبيقه على امتناع تحصيل الحد فى نفسه بالبرهان قيل: لا بد فى إقامة الدليل ههنا من تعقل المفرد الذى هو الحد لكونه مركبًا تقييديًا من حيث يستدل عليه أى من حيث خصوصيته المفصلة لوجوب تصور المستدل عليه من حيث إنه مستدل عليه قبل الدليل فتصور الحد من حيث خصوصيته المفصلة متقدم عليه فلو حصل به كان دورًا وهذا أنسب لعدم الاحتياج إلى التقييد الذى لا غناء له ولتبادره من ترجمة المسألة ولكونه أوفق بما ذكر فى الجواب عن التصديق والأول أنسب بالوجه الأول وأيضًا تعقل الحد من قبيل التصور فلا يستفاد من البرهان.
قوله:(فإن قيل) يعنى أن الدليل الثانى على أى وجه قدر جار فى التصديق