قوله:(مما لا بدّ من تصوّره) كالأشياء المستعملة فى العلم من الموضوع وأجزائه وجزئياته وأعراضه الذاتية، ومن تسليمه كالتصديقات الغير البينة التى تبين فى علم آخر أو فى هذا العلم لكن بمسائل لا يتوقف عليها لئلا يلزم الدور، أو من تحقيقه كالتصديقات البينة التى يجب قبولها وتسمى القضايا المتعارفة.
قوله:(قد ذكر من مبادئ العلم) نبه بلفظة من التبعيضية على أن المبادئ بالمعنى الأعم المقصود ههنا ليست منحصرة فيما ذكر لاندراج الموضوع فيها قال المصنف فى المنتهى فالمبادئ حده وموضوعه، وأما أهليته وإن عدت من أجزاء المعلوم فلأن ثبوت الكتاب والسنة معلوم من الدين ضرورة والإجماع يستدل عليه من بابه.
قوله:(لأن كل طالب كثرة) الطلب فعل اختيارى لا يتأتى إلا بإرادة متعلقة بخصوصية المطلوب موقوفة على امتيازه عما عداه، فإن كان واحدًا فلا بد من تصوره كذلك إذ لو لم يتصوره أصلًا امتنع طلبه قطعًا وإن تصوره باعتبار أمر شامل وقصد تحصيله فى ضمن جزئى لا بعينه فربما أداه إلى ما ليس بمطلوب، وإن كان متكثرًا فإما أن لا يكون لتلك الكثرة جهة وحدة تضبطها وتجعلها شيئًا واحدًا وتميزها عما سواها فيجب عليه تصور كل واحد على قياس ما سبق، وإما أن يكون لها تلك الجهة فحقه أن يعرفها باعتبارها إذ لو لم يتصورها بوجه استحال طلبها وأن توجه إلى تصور كل واحد منها بخصوصه تعذر عليه أو تعسر ولذلك قال: حقه دون أن يقول: عليه، أن يعرفها إلى غير ذلك مما يدل على وجوبه وتعينه وإن تصورها بما يعمها وغيرها لم تتعلق الإرادة بخصوها, ولو اندفع إلى طلبها من حيث إنها جزئى للمفهوم العام قبل ضبطها بجهة الوحدة لم يتميز عنده المطلوب، ولم يأمن أن يؤديه الطلب إلى غيره فيفوت ما يعنيه ويضيع عمره فيما لا يعنيه، ومن حمل كلامه على الوجوب زاعمًا أن ترك معرفتها من تلك الجهة والعدول إلى معرفتها من جهة أخرى يتضمن خوف فوات المطلوب وتضييع العمر ودفعه واجب عقلًا، فإن أراد أنه لا بد منه فى تحصيله فقد ظهر بطلانه، وإن أراد ما يتوقف على قاعدة التحسين فلا يناسب المقال، ولا نقول به أيضًا، وإن أراد الوجوب العرفى فمآله إلى ما ذكر من الأولوية.
قوله:(ولا شك أن كل علم) من العلوم المخصوصة المدونة، (مسائل كثيرة) لها