للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهة وحدة تصيرها شيئًا واحدًا، إذ الكل متشاركة فى أنها تصديقات وأحكام بأمور على أخرى وإنما صار كل طائفة من هذه الأحكام علمًا خاصًا بواسطة أمر ارتبط به بعضها ببعض وصار المجموع ممتازًا عن الطوائف الأخرى ولولاه لم تعد علمًا وحدًا ولم يستحسن إفراده بالتدوين والتعليم، ثم ذلك الأمر يحتمل عقلًا أن يكون موضوع العلم بأن يكون مثلًا موضوعات مسائله راجعة إلى شئ واحد كالعدد للحساب، وأن يكون غايته كالصحة فى مسائل الطب الباحث عن أحوال بدن الإنسان والأدوية والأغذية من حيث إنها تتعلق بالصحة، وقد يجتمعان كما فى أصول الفقه، إذ يبحث فيه عن أحوال الدليل السمعى لاستثمار الأحكام ويحتمل أن يكون راجعًا إلى المحمولات باندراجها تحت جامع لها على قياس الموضوع إلى غير ذلك من الاحتمالات العقلية، وإن لم يكن واقعًا والأصل الذى لا بد من اعتباره فى جهة الوحدة هو الموضوع، لأن المحمولات صفات مطلوبة لذوات الموضوعات، فإن اتحد فذاك وإن تعدد فلا بد من تناسبها فى أمر واتحادها بحسبه؛ إما ذاتى كأنواع المقدار المتشاركة فيه لعلم الهندسة، أو عرضى، كموضوعات الطب فى الانتساب إلى الصحة وكأقسام الدليل السمعى فى الدلالة على الأحكام إذا جعلت موضوعًا لهذا الفن، ومن ثمة تراهم، يقولون: تمايز العلوم بتمايز الموضوعات بأن يبحث فى هذا عن أحوال شئ أو أشياء متناسبة، وفي ذاك عن أحوال شئ آخر أو أشياء متناسبة أخرى، ولا يعتبرون رجوع المحمولات إلى ما يعمها فالموضوع إما واحد أو فى حكمه كما إذا قيس المتعدد إلى وحدة الغاية مثلًا فإن قلت قد صرحوا بأن الموضوعات أى أهليتها والمبادئ بالمعنى الأخص من أجزاء العلوم أيضًا فالمتبادر من كلامه خلافه، وأجيب أنه لما كان نظره فيما هو المقصود من العلم اقتصر على ذكر المسائل، وقد يقال: عدهما من الأجزاء إنما هو لشدة اتصالهما بالمسائل التى هى المقصودة فى العلم ولولاها لم يلتفت إلى ما عداها؛ فالمناسب أن تعتبرها وحدها حقيقة يرشدك إلى ذلك ما أوردوه تفسيرًا لمفهومات العلوم على أنه أمر اصطلاحى فلكل أن يصطلح على ما يترجح عنده.

قوله: (ومن تلك الجهة) إذا أريد تعريف علم خاص فلا بد أن يؤخذ من جهة وحدته، فإن تعددت جاز الأخذ من كل جهة والموضوع أولى ومن المجموع إذ لو أخذ تعريفه من حيث إنه متكثر لم يحصل المطلوب أعنى معرفة ما هو علم واحد

<<  <  ج: ص:  >  >>