من حيث هو كذلك، وأيضًا قد عرفت أن ذلك متعذر أو متعسر، فالمأخوذ إن كان حقيقة مسمى اسم ذلك العلم كان حدًا له حقيقيًا، إما تامًا إن كان تمامها، وإما ناقصًا إن كان بعضها وإلا فلا بد أن يستلزم المأخوذ تميز تلك الحقيقة لأخذه من جهة الوحدة الضابطة المميزة فيكون حدًا له رسميًا، فقد ظهر أنه لا بد لكل طالب علم أى من حقه أن يتصوره أو لا بأحدهما ليمتاز عنده فيصح توجهه إليه بخصوصه، فيكون على بصيرة فى طلبه إذ لو تصوره بما يشمله وغيره كان على متن عمياء وخبط خبط عشواء، والحاصل أن حق الطالب أن يتصوره بتعريفه المأخوذ من جهة وحدته، فإن ذلك أزيد لبصيرته وأسهل فى معرفته، فإن قلت: ما فائدة ذكر الاسم وهلا قال حقيقة مسماه؟ قلت: لأن حقيقة العلم كما عرفت مسائل كثيرة، فإدراكها بحدها إنما يكون بتصور خصوصيات المسائل التى هى أجزاؤها، وقد بان تعذره فالمطلوب تصور مدلول اسمه المطابقى ومسماه الحقيقى الذى هو عارض للمسائل باعتبار وحدتها فالمأخوذ إن كان تفصيلًا له كان حدًا له بحسب الاسم، وإلا فهو رسم له بحسبه، وأما بالقياس إلى حقيقة العلم فرسم.
قوله:(وثانيها فائدته) من حق كل طالب علم أن يعرف فائدته المترتبة عليه المقصودة منه أى يعتقد ذلك إما جزمًا أو ظنًا إذ لو لم يصدق بفائدة ما فيه استحال إقدامه عليه وإن اعتقد ما لا يعتد به مما يترتب عليه عد كده عبثًا عرفًا وإن اعتقد باطلًا فربما زال فى أثناء سعيه فكان عبثًا بلا فائدة فى نظره.
واعلم أن كل حكمة ومصلحة تترتب على فعل تسمى غاية من حيث إنها على طرف الفعل ونهايته وفائدة من حيث ترتبها عليه فتختلفان اعتبارًا وتعمان الأفعال الاختيارية وغيرها، وأما الغرض فهو ما لأجله إقدام الفاعل على فعله ويسمى علة غائبة له ولا يوجد فى أفعاله تعالى، وإن جمة فوائدها وقد يخالف فائدة الفعل كما إذا أخطأ فى اعتقادها وما قيل من أن المقصود يسمى غرضًا إذا لم يمكن للفاعل تحصيله إلا بذلك الفعل فاصطلاح جديد لم يعرف سنده لا عقلًا ولا نقلًا.
قوله:(وثالثها استمداده) يعنى ما يتوقف عليه المسائل تصورًا أو تصديقًا وبيانه إن كان غير ضروري على وجهين، أما الإجمالى فقد أفاده المصنف بقوله: وأما استمداده فمن الكلام إلى قوله: وإلا جاء الدور وذلك ليرجع إليها إذا أريد التحقيق إذ يقصر عنه تسليم المبادئ المبينة هناك وعقبه بالتفصيلى وهو أن يفاد شئ