للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعنى: أن لفظة اسأل استعملت فى محل هو نسبة السؤال إلى القرية؛ بسبب تعلق السؤال بأهلها ولم تستعمل فى محل آخر هو نسبة السؤال إلى البساط (وإن وجد فيه ذلك) أى تعلق السؤال بالأهل وهذا مبنى على ما سيأتى من مذهب المصنف فى مثل قولنا: أنبت الربيع البقل فإن قلت: لعله أراد أن القرية أطلقت على أهلها لعلاقة الحلول وقد وجد ذلك فى البساط ولم يطلق على أهله قلت: فحينئذ كان يقول: لأنها محل لأهلها بدل قوله: لأنه سؤال لأهلها، وأيضًا عدم الاطراد أن يستعمل لفظ فى محل لوجود معنى ولا يستعمل ذلك اللفظ فى محل آخر مع وجود ذلك المعنى فيه لا أن يستعمل نظيره فيه وما ذكرتم من هذا القبيل.

قوله: (الاعتراض) يريد أن علامة المجاز أعنى عدم الاطراد وجدت فى هذه الألفاظ مع أنها حقائق فى هذه المعانى؛ فبطلت العلامة طردًا، وما قيل من أن كون السخى والفاضل حقيقتين فى غير اللَّه سبحانه مبنى على المشهور من أن إطلاق المشترك المعنوى على أفراده بطريق الحقيقة وهو موضع نظر لأنه من إطلاق العام على الخاص أو الجزء على الكل أو اللازم على الملزوم أو السبب على المسبب لاختلاف الاعتبارات مع أن الكل مجازات فيندفع بما حققناه سالفًا.

قوله: (فإن أجيب) هذا ما أجاب به الآمدى فى الأحكام، وأما انحصار المانع فى القسمين فقيل: لا دليل عليه، وأجيب بأن المانع إما شرعى أو لغوى أو عقلى اتفاقًا ولا مانع عقليًا من إطلاق الألفاظ على المعانى قطعًا فانحصر فيهما.

قوله: (هذا دور) أى كون عدم الاطراد بلا مانع علامة للمجاز دور بل مستلزم له، وبيانه أن عدم اطراد اللفظ فى معنى إنما يعلم بسببه؛ لأن عدم الاطراد أمر ممكن غير محسوس بذاته ولا بحسب آثاره وصفاته وكل ما هو كذلك لا يعلم إلا بسببه كما حقق فى موضعه وسبب عدم الاطراد إما عدم المقتضى للاطراد، وإما وجود المانع عنه إذ علة عدم الشئ عدم علة وجوده وقد فرض أن لا مانع، فعدم الاطراد إنما هو لعدم مقتضى الاطراد ولا مقتضى لصحة إرادة المعنى من اللفظ على الاطراد إلا الوضع فلا بد فى العلم بعدم اطراد لفظ فى معنى من العلم بعدم وضعه له، والفرض أنه قد أطلق اللفظ فى محل باعتباره ظاهرًا فينبغى أن يعلم وضعه لذلك المعنى مقيدًا بقيد مخصوص بذلك المحل المستعمل فيه لا يتعداه إلى محل آخر ليعلم عدم وضعه له مطلقًا فيعلم عدم جواز إرادة ذلك الآخر منه فإذن

<<  <  ج: ص:  >  >>