للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلم عدم الاطراد بعدم الوضع لما ذكرنا وعدم الوضع بعدم الاطراد، لأنه جعل علامة لكونه مجازًا فإن قيل: إن أراد بالوضع فى قوله: ولا مقتضى لصحة الإرادة إلا الوضع ما يتناول المجاز أيضًا فعلى هذا مقتضى الاطراد، أعنى: الوضع موجود فى كل مجاز فلا يكون عدم الاطراد فى بعضه إلا لمانع عنه قطعًا والمقدّر خلافه: وأيضًا لا يناسبه قوله: وعدم الوضع لعدم الاطراد لدلالته على أن المجاز ليس بموضوع وإن أراد به ما لا يتناوله بطل الانحصار ضرورة صحة الإرادة على الاطراد فى بعض المجازات فهناك مقتضى الاطراد قطعًا ولا وضع بالمعنى المذكور، أجيب: بأنا نختار الثانى ونقول: لا مقتضى لصحة الإرادة على الاطراد إلا الوضع أو العلاقة المقتضية لذلك استقراء ففى العلم بعدم المقتضى لا بد من العلم بعدم الوضع وعدم العلاقة المصححة للاطراد، ويرجع حاصله إلى العلم بكونه مجازًا غير مطرد فيلزم أن يعلم كونه مجازًا بكونه مجازًا غير مطرد وهذا المحذور أظهر بطلانًا مما لزم هناك ولعله اقتصر على الوضع لذلك.

قوله: (وقد يجاب) عن أصل الاعتراض بأن هذه الألفاظ مطردة فى معانيها، فإن السخى دائر بين معنيى الجواد المطلق والجواد الذى من شأنه البخل وكذا الفاضل دائر بين العالم مطلقًا والعالم الذى من شأنه الجهل، ولما وجدناهما لا يطلقان على اللَّه تعالى مع جوده الشامل وعلمه الكامل علمنا أنهما موضوعان للمقيدين، وكذا القارورة دائرة بين المستقر مطلقًا والمستقر مع كونه زجاجًا فبعدم الاستعمال فى غيره علمنا أنها للثانى.

قوله: (وهذا) أى الجواد المقيد (هو المراد) من لفظ السخى إذا أطلق على غير اللَّه سبحانه (وأنه) أى ما ذكرناه (واضح ولا يلزم) حينئذ (الدور) إذ منشؤه اعتبار المانع (ولا النقض) لاطراد هذه الألفاظ فى معانيها.

قوله: (وكذا الآخران) أى الفاضل والقارورة وقد بيناهما ولا يمكن أن يجعل هذا جوابًا عما أورد على اعتبار عدم المانع إذ لو قيل: المانع الشرعى فى الفاضل والسخى عن الاطراد فى مطلق العالم، والجواد هو أنه لما لم يطلقا على اللَّه تعالى شرعًا علم كونهما للمقيد فامتنع الاطراد فى المطلق وهذا هو المراد من المانع فلا دور ولا نقض، أجيب بأن هذا المعنى جار فى قولنا {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢]، وأمثاله ولا يتصور عدم الاطراد بلا مانع.

<<  <  ج: ص:  >  >>