الوضع لجواز أن يوضع لغرض ولا يترتب عليه ذلك الغرض.
قوله:(لمعنى متحقق) فيه بحث.
قوله:(وهذا إلزامى) يعنى أن الجواب الأول: جدلي بمعنى أن هذا لا يتم حجة علينا لأنه مشترك الإلزام فما هو جوابكم فهو جوابنا والثانى: تحقيقى وهو منع كون أمثال هذه الصور من قبيل المجاز إلا باعتبار المفردات وهذا حق فى مثل: شابت لمة الليل لأن اللمة مجاز عن سواد آخر الليل والشيب عن حدوث البياض فيه بخلاف: قامت الحرب على ساق فإنه تمثيل لحال الحرب بحال من يقوم على ساقه لا يغفل ولا مجاز فى شئ من مفرداته وكذا قولهم للمتردد فى أمر: أراك تقدّم رجلًا وتؤخر أخرى وبالجملة المركبات موضوعة بإزاء معانيها التركيبية وضعًا نوعيًا بحيث يدل عليها بلا قرينة فإن استعملت فيها فحقائق وإلا فمجازات وهذا غير الإسناد المجازى الذى يقول به عبد القاهر ومن تبعه من المحققين فإنه ليس فى شئ من استعمال اللفظ فى غير ما وضع له، بل معناه أن حق الفعل بحكم العقل أن يسند إلى ما هو له فإسناده إلى غير ما هو له من الملابسات مجاز عقلى واتحاد جهة الإسناد بحسب الوضع واللغة لا ينافى ذلك وإنما ينافيه اتحاد جهته بحسب العقل وليس كذلك فإن إسناد الفعل إلى ما هو متصف به محلًا له فى المبنى للفاعل ومتعلقًا له فى المبنى للمفعول مما يقتضيه العقل ويرتضيه وإلى غير ذلك مما يأباه إلا بتأويل، فلذا قال الشارح المحقق: والذى يزيل الوهم بالكلية أن يجعل الفعل مجازًا وضعيًا عما يصح عند العقل إسناده إلى الفاعل المذكور ويتصف هو به وهو التسبب العادى فيكون أثبت مجازًا عن تسبب فى الإثبات وصام عن تسبب فى الصوم إلى غير ذلك وهذا مشكل فيما إذا أسند إلى المصدر مثل جدّ جدّه وبالجملة كلام المصنف فى هذا المقام يدل على قصر باعه فى علم البيان.
قوله:(وهو ذو الرحمة) أى رقة القلب وهذا فى حق اللَّه محال فيكون مجازًا ولم يستعمل فيما يصح عليه رقة القلب ليكون حقيقة، وظاهر كلام الشارح أن الرحمن حقيقة فى ذى الرحمة قديمًا كان أو حادثًا وقد استعمل فى القديم بخصوصه مجازًا مع عدم الاستعمال فى المطلق الذى هو معناه الحقيقى وما يقال من مجازيته بناء على أن الصيغة للمذكر وهم.