قوله:(وقولهم رحمان اليمامة) لا يقال الاستعمال فى الجملة وقد وجد وإن خالف الشرع والعرف؛ لأنا نقول هو كما إذا أطلق كافر لفظ اللَّه على مخلوق فلا يكون استعمالًا صحيحًا على أنك إذا تأملت عليت أن هذا الاستعمال ليس حقيقيًا لأنهم لم يريدوا رقة القلب.
قوله:(وكذا لنحو عسى) لا يقال لا نسلم أن هذه مجازات بل لم توضع إلا لمعانيها التى استعملت فيها ولو سلم، فلا نسلم عدم الاستعمال غايته عدم الوجدان وهو لا يدل على عدم الوجود لأنا نقول الكلام مع من اعترف بكونها أفعالًا مع الإطباق على أن كل فعل موضوع لحدث وزمان معين من الأزمنة الثلاثة ولا نعنى بعدم الاستعمال إلا عدم الوجدان بعد الاستقراء، على أن عدم جواز استعمال هذه الأفعال فى المعانى الزمانية معلوم من اللغة إلا أن الشارح أشار إلى أنه على تقدير الجواز لغة فالمراد عدم الاستعمال وقد ثبت باستقراء موارد الاستعمال.
قوله:(واعلم) لا خفاء فى أن مدلول إسناد الفعل إلى الشئ هو قيامه به وثبوته له بحيث يتصف به، وهذا لا يصح ظاهرًا فيما يسند إلى غير ما هو له من المصدر والزمان والمكان وغيرها نحو جدّ جده وأنبت الربيع البقل وجرى النهر ونحو ذلك فلا بد من صرفه عن ظاهره بتأويل إما فى المعنى أو فى اللفظ، واللفظ إما المسند أو السند إليه أو الهيئة التركيبية الدالة على الإسناد:
الأول: أن لا مجاز فيه بحسب الوضع؛ بل بحسب العقل حيث أسند الفعل إلى غير ما يقتضى العقل إسناده إليه، وهو قول الشيخ عبد القاهر والإمام الرازى وجميع علماء البيان.
الثانى: أن المسند مجاز عن المعنى الذى يصح إسناده إلى المسند إليه المذكور وهو قول المصنف.
الثالث: أن المسند إليه استعارة بالكناية عما يصح الإسناد إليه حقيقة وإسناد الإثبات قرينة لهذه الاستعارة وهو قول السكاكى.
الرابع: أنه لا مجاز فى شئ من المفردات بل شبه التلبس غير الفاعلى بالتلبس الفاعلى فاستعمل فيه اللفظ الموضوع لإفادة التلبس الفاعلى فيكون استعارة تمثيلية كما فى: أراك تقدم رجلًا وتؤخر أخرى وهذا ليس قولًا لعبد القاهر ولا لغيره من