علماء البيان لكنه ليس ببعيد، وأما ما ذكره الشارح المحقق فى تقرير الوجوه ففيه أبحاث:
الأول: أن قوله ليتصور معناه إن أراد به التصور المقابل للتصديق على ما هو الظاهر فهو ليس مدلول الجملة الخبرية فلا بد وأن يكون مجازًا لغويًا وإن أراد أنه أطلق ليعلم الحكم الذى هو مدلوله لكن لا ليكون مرجع الإفادة ومناط الصدق والكذب بل لينتقل منه إلى حكم آخر فيصدق به يكون هذا كناية، ولم يقل به الإمام الرازى ولا غيره ولم يطابق القواعد البيانية.
الثانى: إن جعل المسند موضوعًا للتسبب الحقيقى مجازًا عن التسبب العادى مع أنه لا يصح فيما أسند إلى المصدر مثل جدّ جده مخالف لما اتفق عليه علماء البيان من أن الفعل لا يدل إلا على الحدث والزمان من غير دلالة بحسب الوضع على أن فاعله يلزم أن يكون قادرًا أو غير قادر سببًا حقيقيًا أو غير حقيقى، وقد أقام الشيخ عبد القاهر على ذلك أدلة كثيرة وتبعه الإمام الرازى والسكاكى على أن التسبب الحقيقى لو أجرى على ظاهره لزم أن يكون فى الأفعال المسندة إلى غير الخالق مجاز باعتبار المسند أو الإسناد على ما افترى بعض الشارحين على الشيخ عبد القاهر من أنه ذهب إلى أن الإسناد فى: طلعت الشمس ومرض زيد مجازى.
الثالث: التأويل فى الربيع إن كان يجعله مجازًا عن القادر المختار على ما فهمه بعض القاصرين من كلام السكاكى فليس بمستقيم للقطع بأن المراد بالنية فى قولهم: أظفار المنية هو حقيقة الموت لا السبع ولتصريح السكاكى بأن المراد بها السبع بادعاء السبعية لها وإن أراد أنه شبه بالقادر المختار وتصوّر بصورته فأسند إلى القادر المختار على ما يشعر به كلام السكاكى لم يكن هذا مغنيًا عن القول بكون الإسناد مجازيًا لأن حق الإثبات مثلًا أن يسند إلى القادر دون الزمان المشبه بالقادر المتصور بصورته، وكذا إن جعل الاستعارة بالكناية هو اسم المشبه به المذكور بطريق الكناية وإيراد اللوازم دون التصريح حتى يكون قولنا: أظفار المنية بمنزلة أظفار السبع مجازًا عن السبع لأن الإسناد حينئذ يكون إلى الربيع فيفتقر إلى التأويل.
الرابع: أن قوله: وهو قول صاحب المفتاح إنه من الاستعارة التخييلية ينبغى أن يكون من سهو القلم، والصواب الاستعارة بالكناية وحملها على المعنى اللغوى