بمعنى أن ذلك تخييل لا تحقيق غلط لأنها اسم لنوع مخصوص من الاستعارة لا يفهم منه عند الإطلاق سواه ومع ذلك فليس قول صاحب المفتاح إنه استعارة تخييلية بل استعارة بالكناية ولو كانت هذه الاستعارة بالكناية مع التخييلية كما فى: أظفار المنية لكان أهون لكن صاحب المفتاح قد صرح بأنه لا تخييلية هنا وأن الإثبات أمر محقق لا مخيل وأما تمثيله بقوله:
* صبحنا الخزرجية مرهفات *
فمبنى على أن السكاكى لما رد الاستعارة التبعية إلى الأصلية لم يجعل "صبحنا" استعارة ولزمه جعل المرهفات استعارة بالكناية عن المشروبات وإيقاع "صبحنا" عليه قرينة على ما صنع به فى قوله: نقريهم لهذميات، فإن قيل كيف يتصور التأويل فى المسند إليه أو المسند فيما إذا كان أحدهما أو كلاهما مجازًا مثل: أحيا الأرض شباب الزمان ومعلوم أن ليس الإحياء مجازًا عن لفظ أنبت ليجعل مجازًا فى التسبب العادى ولا الشباب مجازًا عن لفظ الربيع ليجعل استعارة بالكناية عن القادر المختار، قلنا: وجهه أن يجعل الإحياء مجازًا عن التسبب العادى فى الإنبات والشباب استعارة بالكناية عن القادر المختار بتأويل جعله مرادفًا للفظ الربيع هذا، ومن نظر فى كلام الشيخ عبد القاهر والإمام الرازى علم أنه لم يخالف الشيخ أصلًا ولم يزد على تنقيح كلامه وأنهما اتفقا على أن ليس ههنا مجاز وضعى أصلًا لا فى المفرد ولا فى المركب؛ بل عقلى بأن أسند الفعل إلى غير ما يقتضى العقل إسناده إليه تشبيهًا له بالفاعل الحقيقى، ولما كان ذكر التشبيه موهمًا أن يكون هناك مجاز وضعى علاقته المشابهة حاول الشيخ إزالة الوهم فقال: هذا التشبيه ليس هو التشبيه الذى يقال بالكاف وكأنّ ونحوهما بل هى عبارة عن جهة راعوها فى إعطاء الربيع حكم القادر المختار كما قالوا: شبه ما بليس فرفع بها الاسم ونصب الخبر والعجب كل العجب من الشارح مع إحاطته بفن البيان واطلاعه على أقوال العلماء كيف خبط فى هذا المقام وأخطأ فى تقرير أقوال الأئمة العظام.
قوله:(من ضد أو نقيض) ظاهر كلام المصنف أنه يريد أن اللفظ قد يكون مشتركًا بين الضدين كالجون للأبيض والأسود، والقرء للطهر والحيض، أو النقيضين كالأمر للوجوب والإباحة مثلًا فإذا أطلق وأريد أحدهما وفهم الآخر بتخيل قرينة فقد فهم ما هو فى غاية البعد من المراد كما إذا فهم من قوله تعالى: