{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨]، الحيض والمراد الأطهار، ومن قوله تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}[المائدة: ٢] الوجوب والمراد الإباحة أى جواز الفعل على ما ذكر فى التنقيح من أن معنى قولهم الأمر للإباحة أن مدلوله جواز الفعل وإنما جواز الترك بحكم الأصل بخلاف المجاز فإنه على تقدير فهم المراد لا يؤدى إلى مستبعد؛ بل مناسب لما بين المعنيين من العلاقة حتى إن إطلاق اسم الضد على الضد لا يكون إلا بتنزيل التضاد منزلة التناسب لمشاكلة أو تهكم وتمليح، ولما لم يتحقق وضع اللفظ للنقيضين بالتحقيق حتى إن الشارحين إنما فرضوه فى لفظ النقيض إذا جعل لكل من الإيجاب والسلب لا للقدر المشترك قدّر الشارح المحقق تأدية المشترك إلى نقيض المراد بوجه لا يفتقر إلى وضعه للنقيضين وهو أنه قد يقال: لا تطلق فى القرء وأراد الحيض فيحمل على الطهر بتوهم قرينة ويفهم جواز التطليق فى الحيض وهو نقيض المراد أعنى التحريم أو وجوبه وهو ضد المراد ومبناه على ما تقرر فى العربية من أن النفى فى الكلام يرجع إلى القيد ويفيد ثبوت أصل الحكم فى مقابله حتى كأنه قيل لا تطلق فى الطهر بل فى الحيض جوازًا أو وجوبًا، أو فى الأصول من أن النهى عن الشئ يستلزم الأمر بضده لا بأن يؤخذ ضد التطليق على الإطلاق ليكون هو الإمساك والكف عن الطلاق؛ بل بأن يجعل التطليق فى الحيض ضد التطليق فى الطهر نظرًا إلى القيد فكأنه قيل طلق فى الحيض فإن حمل الأمر على الإباحة أى الجواز فنقيض المراد، أو على الإيجاب فضده وهذا القدر كاف فى التمثيل وأما ما يقال من أن المراد أنه يفهم الجواز إذا قيل لا تطلق فى القرء والوجوب إذا قيل طلق فى القرء فليس بمستقيم على ما لا يخفى.
قوله:(احتج القائل بلزوم الحقيقة للمجاز) فيه إشارة إلى أن لفظ الملزم فى المتن مرفوع بأنه فاعل احتج أو أمثاله، لأن قوله: القائل بلزوم الحقيقة للمجاز تفسير له ولك أن تتكلف فى إعرابه بالرفع وجهًا آخر.
قوله:(إفادة المعانى المركبة) إنما قيدها بالتركيب؛ لأن الغالب فى الاستعمال تأدية المعانى المركبة، وأما القصد إلى أدائها مفردة فهو قليل بالقياس إليه لا لما قيل فى المشهور من أن إفادة المعانى تستلزم الدور فإنه فاسد على ما حقق فى موضع آخر على أنه لو ترك التقييد لم يضرّ فى المطلوب أصلًا.