للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (كالتوجيه) وهو إيراد الكلام محتملًا لمعنيين مثل أن تقول: استر عينك وكالإيهام وهو أن يذكر لفظ له معنيان قريب وبعيد ويراد البعيد كما إذا لعن بحضور بعض العدول عدل الوقر فتقول افتح العين فإن المولى حاضر، ولو قلت فى الموضعين النرجس أو البصر لفات ذلك وحصولهما بالمجاز إنما يكون إذا بلغ من الشهرة بحيث يلحق بالحقيقة إن قيل المدّعى أن الأمور المذكورة فى قوله: ويكون أبلغ إلى الآخر مما يشترك فيه المشترك والمجاز لتتم المعارضة فلا وجه لتخصيص أنواع البديع بالمشترك دون المجاز وللاقتصار على مثل التوجيه والإيهام مما لم يذكر فى المجاز والسكوت عما ذكر فيه من المقابلة والمطابقة والمجانسة والروى فالمقابلة كقوله: خسنا خير من خياركم بل كقول الشاعر:

وما أنس لا أنساه إنّ لحبه ... حديثًا على مرّ الزمان قديمًا

وكذا قوله:

فقلت دعونى والعلا نبكه معًا ... فمثل كثير فى الرجال قليل

إذا جعلنا الأعلام المنقولة من قبيل المشترك والمطابقة كقولك كلما ضرب له مثلًا: ضرب فى الأرض مهلًا، ولو قلت: بين له لم يكن طباق وفيه نظر والمجانسة مثل: رحبة بخلاف واسعة والروى مثل: غيث مع ليث دون أسد قلنا: إنه اعتبر مجرد التوصل إلى أنواع البديع من غير نظر إلى الخصوصيات.

قوله: (ابتدائية) أى ما ذكر من فوائد المجاز مبتدأ من كونه أبلغ إلى آخر الوجوه يشترك فيها المشترك والمجاز إذ لو كانت بيانية لم تفد إلا اشتراكهما فى الأبلغية فلم تناف ترجيح المجاز بالوجوه الباقية اللهم إلا أن يكون على حذف أى إلى الآخر على ما أشار إليه العلامة، ولكن اللفظ قاصر عنه وما ذكره المحقق تدقيق منه إلا أن استدلاله بقوله مشترك فيها تكلف وتصرف منه لأنه فى جميع النسخ مشترك فيهما يعنى أنه مشترك بين المشترك والمجاز، وقلما يقال هذا الأمر مشترك فيه وهذه الأمور مشترك فيها بل مشترك ومشتركة حتى إن هذا الحذف كاللازم بحسب الاستعمال.

قوله: (لأنه مظنة الغلبة) مظنة الشئ ما يظن ثبوت الشئ فيه، ومئنة الشئ ما يتحقق ثبوته فيه، يعنى أن الغرض من ذكر وجوه الترجيح هو أن الحمل على ما يشتمل عليها أولى لكونه مظنة للغلبة والكثرة فى الكلام فعند تحقق انتفاء الغلبة

<<  <  ج: ص:  >  >>