والكثرة لا عبرة بكون الشئ من مظان الغلبة، وعند تحقق الغلبة لا بأس بعدم كونه من المظان ففى المشترك قد علم عدم الغلبة فلا يفيده اشتماله على ما هو من مظان الغلبة وفى المجاز قد تحققت الغلبة فلا يضره الخلو عما هو من مظانها.
قوله:(إذا دار اللفظ بين أن يكون مجازًا أو مشتركًا) وذلك إذا علم كونه حقيقة فى أحد معنييه ويتردد فى أنه حقيقة فى الآخر فيكون مشتركًا أو لا فيكون مجازًا كلفظ النكاح فإنه حقيقة فى الوطء وأما فى العقد فيحتمل الأمرين قال فى الصحاح: النكاح الوطء وقد يكون العقد.
قوله:(فمنها أنه يخل بالتفاهم) أى لا يفهم من المشترك بسبب اشتراكه ما هو المقصود منه عند خفاء القرائن أو عدمها بل يتوقف فيه مطلقًا عند من لم يجوز إعماله فى معنييه وأما عند من جوزه فلإخلال عنده إنما هو فى المشترك بين الضدين فقط.
قوله:(ومنها أنه) أى الاشتراك (يؤدّى إلى مستبعد من ضد) للمقصود (أو نقيض) له (إذا حمل) المشترك (على) معنى آخر (غير المراد) منه (مثل لا تطلق فى القرء والمراد) منه (الحيض) فالمقصود من الكلام عدم جواز التطليق فيه فيفهم من القرء الطهر فيفهم من الكلام جواز التطليق فى الحيض بناء على أنه جائز فإذا لم يجز فى الطهر جاز فى الحيض قطعًا وجواز التطليق فى الحيض نقيض لا جوازه فيه الذى هو المراد أو يفهم من الكلام وجوب التطليق فيه بناء على أن النهى عن الشئ أمر بضده وأن التطليق فيه ضد التطليق فى الطهر فإذا نهى عن الثانى فقد أمر بالأول والأمر للوجوب وعدم جواز التطليق فى الحيض ووجوبه متضادان لا نقيضان لجواز ارتفاعهما معًا قيل المجاز أيضًا يؤدّى إليه كما فى هذا المثال بعينه إذا جعل القرء حقيقة فى أحدهما ومجازًا فى الآخر كما ذهب إليه بعض الأئمة فإن أجيب بأن المجاز لما اعتبر فيه المناسبة مع الحقيقة كان حمله على غير المراد وإن كان ضدًا له من حيث إنه مناسب إياه فلا يكون مستبعدًا بخلاف المشترك إذ لم يعتبر فيه المناسبة يقال هذا إنما يتم فى المعانى المفردة وأما فى المقصود فى الكلام على ما اعتبر فى الشرح فلا.
قوله:(أبلغ من قولك شبت) لما فى قولك: اشتعل الرأس شيبًا من الإجمال