للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: لا يشتق اسم الفاعل لشئ والفعل قائم بغيره خلافًا للمعتزلة لنا الاستقراء قالوا: ثبت قاتل وضارب والقتل للمفعول قلنا: القتل التأثير وهو للفاعل قالوا: أطلق الخالق على اللَّه باعتبار المخلوق وهو الأثر لأن الخلق المخلوق وإلا لزم قدم العالم أو التسلسل وأجيب أولًا بأنه ليس بفعل قائم بغيره، وثانيًا أنه التعلق الحاصل بين المخلوق والقدرة حال الإيجاد فلما نسب إلى البارى صح الاشتقاق جمعًا بين الأدلة).

أقول: لا يشتق اسم الفاعل للشئ باعتبار فعل حاصل لغيره خلافًا للمعتزلة فإنهم جعلوا المتكلم للَّه لا باعتبار كلام هو له بل كلام الجسم هو يخلقه فيه ويقولون: لا معنى لكونه متكلمًا إلا أنه يخلق الكلام فى الجسم لنا الاستقراء يفيد القطع بذلك.

قالوا: ثبت قاتل وضارب لغير من قام به الفعل لأن القتل والضرب هو الأثر الحاصل فى المفعول وهو المقتول والمضروب.

والجواب: لا نسلم أنه الأثر بل تأثير ذلك الأثر وهو قائم بفاعلهما.

قالوا: قد أطلق الخالق على اللَّه باعتبار الخلق وهو المخلوق إذ لو كان غيره لكان هو التأثير فإن قدم قدم العالم إذ لا يتصور تأثير ولا أثر وإن حدث احتاج إلى تأثير آخر ولزم التسلسل.

والجواب: أما أولًا: فبأنه غير محل النزاع إذ محل النزاع فعل قائم بالغير وهذا ليس كذلك بل مجموع بعضه قائم بنفسه وبعضه قائم بذلك البعض والمجموع يعد قائمًا بنفسه لا بغيره.

وأما ثانيًا: فبأن للقدرة تعلقًا حادثًا به الحدوث ضرورة وهذا التعلق إذا نسب إلى العالم فهو صدوره عن الخالق أو إلى القدرة فهو إيجابها له أو إلى ذى القدرة فهو خلقه فالخلق كون الذات تعلقت قدرته به وهذه النسبة قائمة بالخالق وباعتبارها اشتق له فيصح ما ذكرنا من الدليل على وجوب القيام لأنا لا نعنى به كونها صفة حقيقية بل سائر الإضافات قائمة بمحالها وكذا ما ذكرتم من الدليل على أنه ليس أمرًا حقيقيًا مغايرًا للمخلوق فإنه يدل على أنه ليس أمرًا حقيقيًا مغايرًا فكان الحمل على هذا واجبًا جمعًا للأدلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>