للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما يلزم ما ذكرتم أن لو كان موضوعًا لها بأوضاع متعددة وليس كذلك بل موضوع لها وضعًا واحدًا، واعلم أن وضعه للخصوصيات من حيث إنها مندرجة تحت المفهوم الكلى فزيد من حيث تعلق به إشارة مخصوصة معنى لهذا فله اعتبار فى الوضع وفى الموضوع له أيضًا، ومن ههنا ظهر أن المبهمات والمضمرات بحسب معانيها جزئيات حقيقية ولا يقدح فى ذلك أن "هذا" يشار به إلى أمر كلى مذكور وأن ضمير الغائب قد يرجع إليه أيضًا؛ أما الأوّل فلأن هذا يقتضى بحسب أصل الوضع مشاهدًا مشارًا إليه إشارة حسية فلا يكون إلا جزئيًا حقيقيًا وإذا استعمل فى غيره فقد نزل منزلته والكلى المذكور من حيث إنه مذكور بهذا الذكر الجزئى جزئى لا يحتمل الشركة وإطلاقه من هذه الحيثية، وأما الثانى فلاقتضاء الغائب ذكرًا جزئيًا للمرجوع إليه إما لفظًا أو معنًى أو حكمًا وقد عرفته أن الكلى من حيث هو مذكور ذكرًا جزئيًا جزئى.

قوله: (وليس وضع هذا) أى لفظ هذا وما ذكر معه أو هذا المذكور (وهذه) أى المذكورات من المبهيات والمضمرات (وضعت باعتبار المعنى العام) وقد تحقق اعتباره من وجهين.

قوله: (وإذ قد عرفت ذلك) اعلم أن الابتداء إن أخذ مطلقًا كان معنًى مستقلًا ملحوظًا للعقل بالذات يمكنه أن يحكم عليه وبه، وإن أخذ معينًا متعلقًا بشئ مخصوص فله اعتباران أحدهما: أن يلاحظه العقل من حيث إنه مفهوم من المفهومات ويتوجه إليه بالقصد فيكون مفهومًا مستقلًا أيضًا يصلح أن يكون محكومًا عليه وبه، وثانيهما: أن يلاحظه العقل من حيث هو حالة لذلك الشئ ويجعله آلة لتعرف حاله ويكون المتوجه إليه بالقصد هو ذلك الشئ وبهذا الاعتبار هو مفهوم لا يستقل بالتعقل والملاحظة إنما يلاحظه العقل باعتبار ملاحظة ذلك الشئ؛ فالعقل فى الأوّل يتوجه إلى مطلق مفهومه ويلزمه إدراك متعلقه إجمالًا لكنه ليس مقصودًا بالذات، وفى الثانى يتوجه إلى مطلق المفهوم أيضًا لكنه يضيفه إلى متعلق مخصوص وهو المفهوم من قولك: ابتداء البصرة، وفى الثالث يتوجه بالقصد إلى المتعلق ثم إنه فى تعرّف حاله يلاحظه للابتداء المتعلق به إذا تمهد هذا فنقول: معنى من ليس هو الابتداء المطلق ولا المخصوص المأخوذ بالاعتبار الأوّل وإلا لصح أن يقع محكومًا عليه وبه قطعًا، لكنا لا نشك أن المفهوم المستفاد منه

<<  <  ج: ص:  >  >>