يتصور النزاع فى أن ما أمر المرع بالثناء على فاعله أو بالذم له يكون بحسب الشرع؟ قلنا: بمعنى أنا ندرك بالعقل قبل ورود الشرع فى أن هذا الفعل مما يستحق فاعله الثناء أو الذم فى نظر الشرع.
واعلم أن الحسن بالتفسير الثانى هو الواجب والمندوب، وأن القبيح هو الحرام، وأما المباح فليس بحسن ولا قبيح كذا المكروه، وفعل غير المكلف من الصبيان والمجانين والبهائم إذ لا أمر بالثناء أو بالذم لفاعله، وأما بالتفسير الثالث فالمباح وفعل غير المكلف حسن كالواجب والمندوب إذ لا حرج فى الفعل، والقبيح هو الحرام لا غير كما فى الثانى، وأما المكروه فلا حرج فى فعله فينبغى أن يكون حسنًا اللهم إلا أن يقال عدم لحوق المدح الذى فى الترك حرج فى الفعل وأما فعل اللَّه فحسن بالتفسير الثالث ورد الشرع أو لم يرد إذ لا حرج فيه، وكذا بالتفسير الثانى إذ قد أمر الشارع بالثناء على فاعله لكى يعد ورود الشرع لا قبله إذ لا أمر حينئذٍ اللهم إلا أن يقال الأمر قديم ورد أو لم يرد ثم فعله الذى صدر عنه قبل ورود الشرع وبعده سواء فى هذا المعنى وهو أنه حسن بالتفسير الثالث مطلقًا وبالثانى بعد ورود الشرع لا قبله.
قوله:(ثم اختلفوا) ضمير توجبه للحسن أو القبح إلا فى قوله توجبه فى القبيح فقط فإنه للقبح فقط وكذا المستتر فى يحصل وضمير فيهما للحسن والقبيح والظرف حار أو متعلق بـ "قال" أو بـ "يحصل" وضمير بذاته للفعل ومعنى كونه بذاته أنه لا مدخل للصفة أصلًا ومعنى كونه بصفة أن لها مدخلًا للقطع بأنها لا تستقل بدون الذات ومعنى اتفاق المعتزلة على أن الأفعال تحسن وتقبح لذواتها أعم من أن يكون باستقلال الذات أو بواسطة الصفات أو الوجوه والاعتبارات ومعنى قوله وكان ذاتيًا لو كان لذات الفعل أو لصفة لازمة.
قوله:(والحسن يكفى فيه) إشارة إلى أن وجه التفرقة هو أن الأصل فى الفعل هو الحسن وعدم الحرج والذم ما لم يطرأ ما يوجبه فيندفع ما ذكره الشارح العلامة من أنى لم أظفر بسبب فى هذا التخصيص فكأنه مبنى على ما ذهب إليه المعتزلة من تساوى الذوات وتمايزها بالصفات فلو قبح فعل لذاته لقبح فعل اللَّه تعالى لتساوى الأفعال فى الذوات.
قوله:(كلطم اليتيم) فإن كونه للتأديب صفة تحسنه وكونه للتعذيب تقبحه.