قوله:(فإنه يجب إذا كان فيه عصمة نبى) بأن يتعين كونه طريقًا إليها بحيث لا تحصل عصمته بغيره من المعاريض ولا خفاء فى أن الواجب حسن، والتقدير أن كل ما هو حسن أو قبيح فحسنه أو قبحه ذاتى يمتنع زواله وبهذا يندفع ما يقال: أنه لا يتعين لذلك ولو سلم فالحسن لازمه أعنى تخليص النبى لا هو ولو سلم فالتخلق لمانع لا يقدح فى الاقضاء.
قوله:(فهذا خبر لا يخلو عن الصدق والكذب) قرر الآمدى وغيره لزوم اجتماع النقيضين أعنى الحسن واللاحسن فى الكلام الغدى بناء على أن صدقه مستلزم لكذب الكلام اليومى، وكذبه صدقه وفيه نظر لأنه إن أريد لأكذبن غدًا فى الجملة فلا يصدق على شئ من الكلام الغدىّ أن صدقه مستلزم لكذب هذا الكلام، وإنما الخفاء فى أنه هل يصدق ذلك على المجموع على تقدير صدقها وإن أريد لأكذبن غدًا فى كل خبر أتكلم به فظاهر أن كذب شئ لا يستلزم صدقه وإنما الكلام فى المجموعى فلذا عدل المرح المحقق إلى تقرير اجتماع النقيضين فى الكلام اليومى ليتم سواء حمل على الإطلاق أو العموم وسواء سكت فى الغد عن الكلام أو تكلم بما يكون كله صادقًا أو كاذبًا أو بعضه صادقًا وبعضه كاذبًا بيانه أن قوله لأكذبن غدًا إن طابق الواقع كان حسنًا لصدقه وقبيحًا لاستلزامه وقوع متعلقه الذى هو صدور الكذب عنه فى الغد كان لم يطابق الواقع كان قبيحًا لكذبه وحسنًا لاستلزامه انتفاء متعلقه الذى هو الكذب القبيح ولا شك أن انتفاء القبيح وتركه حسن والتقدير أن ملزوم الحسن حسن وملزوم القبيح قبيح وأن كل حسن أو قبح فذاتى فيلزم فى الكلام اليومى اجتماع صفتى الحسن والقبح الذاتيين وهما متناقضان ضرورة أن القبيح لا حسن والأنسب أن يورد البيان فى الإخبار الذى هو من أفعال المكلف على ما تشعر به عبارة المتن حيث قال فى صدق من قال لأكذبن غدًا وكذبه.
قوله:(أما الحاكم فهو عندنا الشرع دون العقل) اتفقت الأشاعرة والمعتزلة على أن الأفعال تنقسم إلى: واجب ومندوب ومباح ومكروه وحرام ثم اختلفوا فذهبت المعتزلة إلى أن الأفعال فى ذواتها مع قطع النظر عن أوامر الشرع ونواهيه متصفة بالحسن والقبح وأرادوا بالقبح كون الفعل بحيث يستحق فاعله الذمّ عند العقل،