للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وعلى الجبائية) سيتضح لك أن هذه الحجج الثلاث تنتهض على غير الجبائية أيضًا فيجب أن تكون الأدلة الأربعة السابقة مختصة بمن عداهم لا تنتهض عليهم وإلا لما كان لتخصيصهم بالذكر جهة أصلًا فلذا أشار إلى اندفاع الأدلة الأربعة عنهم أما الأول: فلجواز أن يختلف الفعل فيحسن تارة لتحقق الجهة الحسنة ويقبح تارة لتحقق الجهة المقبحة وأما الثانى: فلجواز اجتماع الحسن والقبح إذ لا تناقض عند اختلاف الاعتبار فيحسن الخبر المذكور من حيث إنه صدق ويقبح من حيث إنه مستلزم لكذب خبر آخر وأما الثالث: فلأن الحسن الذى ليس من الأوصاف الذاتية يجوز أن لا يكون وجوديًا بل اعتباريًا فلا يكون عرضًا وأما الرابع فلأن فعل العبد وإن كان لازمًا أو اتفاقيًا يجوز أن يشتمل على جهات واعتبارات بها يحسن ويقبح هذا وفى عدم انتهاض الأخيرين عليهم نظر.

قوله: (لو حسن الفعل أو قبح لغير الطلب) قد اعترف الشارح العلامة بتحيره فى تقرير هذا الدليل وقرره بوجهين أحدهما: ينتهض على جميع المعتزلة والآخر على القائلين بكون الحسن والقبح لصفات أو لجهات واعتبارات الأول: لو حسن الفعل أو قبح لغير الطلب أى لغير أمر الشارع أو نهيه سواء كان ذلك الغير ذات الفعل أو صفاته أو جهاته واعتباراته لم يكن تعلق الطلب لنفس الطلب ضرورة توقفه حينئذ على ذلك الغير واللازم باطل لأن تعلق الطلب بالمطلوب تعلق عقلى لا يتوقف على غيره لاستلزامه مطلوبًا عقلًا، فإذا حصل الطلب تعلق بنفسه بالمطلوب الثانى: لو حسن الفعل أو قبح لغير الطلب من الصفات والاعتبارات لم يكن الطلب لنفس الفعل المطلوب بل يتوقف على ما له من الصفات أو الجهات أو الاعتبارات لكنه تعلق عقلى لا يتوقف على شئ زائد على المطلوب، فبنى الأول على أن ضمير نفسه للمطلب والثانى على أنه للفعل ثم اعترض عليهما بما لا يخفى واختار بعض الشارحين التقرير الثانى لكن خص الغير بالجهات والاعتبارات ليكون حجة على الجبائية وحدهم وبين بطلان اللازم بأن التعلق نسبة بين الطلب والفعل والنسبة بين الأمرين لا تتوقف إلا على حصولهما والطلب قديم لا يتصور توقفه على حادث، فإذا حصل الفعل تعلق الطلب به من غير توقف على جهة واعتبار ثم اعترض بأنه يجوز أن يكون المطلوب هو ذلك الفعل بشرط مقارنة الجهة

<<  <  ج: ص:  >  >>