للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (قالوا: حسن الصدق النافع والإيمان وقبح الكذب الضار والكفران معلوم بالضرورة من غير نظر إلى عرف أو شرع أو غيرهما والجواب المنع بل بما ذكر، قالوا: إذا استويا فى المقصود مع قطع النظر عن كل مقدر آثر العقل الصدق وأجيب بأنه تقدير مستحيل فلذلك يستبعد منع إيثار الصدق ولو سلم فلا يلزم فى الغائب للمقطع بأنه لا يقبح من اللَّه تمكين العبد من المعاصى ويقبح منا، قالوا: لو كان شرعيًا لزم إفحام الرسل فيقول لا أنظر فى معجزتك حتى يجب النظر ويعكس أو لا يجب حتى يثبت الشرع ويعكس، والجواب أن وجوبه عندهم نظرى فيقول بعينه على أن النظر لا يتوقف على وجوبه ولو سلم فالوجوب بالشرع نظر أو لم ينظر ثبت أو لم يثبت. قالوا: لو كان ذلك لجازت المعجزة من الكاذب ولامتنع الحكم بقبح نسبة الكذب إلى اللَّه قبل السمع والتثليث وأنواع الكفر من العالم بخلافه وأجيب بأن الأول إن امتنع فلمدرك آخر والثانى ملتزم إن أريد به التحريم الشرعى).

أقول: للمعتزلة فى إثبات حكم العقل وجوه:

قالوا: أولًا: حسن الصدق النافع والإيمان وقبح الكذب الضار والكفران معلوم بالضرورة من غير النظر إلى شرع أو عرف أو غيرهما من عادة أو مصلحة أو مفسدة ونحوها ولذلك اتفق عليه العقلاء من غير اختلاف مع اختلاف شرعهم وعرفهم وغرضهم وعادتهم وقال به من لا يتشرع فدل على أنه ذاتى.

الجواب: منع كونه معلومًا بالضرورة بل بأحد ما ذكر من الشرع أو العرف أو غيرهما أو نمنع الضرورة فى الحسن والقبح بالمعنى المتنازع فيه بل بأحد ما ذكر من التغيرات الثلاث.

قالوا: ثانيًا: إذا استوى الصدق والكذب فى جميع المقاصد مع قطع النظر عن كل مقدر يصلح مرجحًا للصدق آثر العقل الصدق ولولا أنه ذاتى ضرورى لما كان كذلك.

والجواب: أن يقال لا استواء فى نفس الأمر لأن لكل واحد منهما لوازم فإذًا تقدير تساويهما تقدير مستحيل فيمنع إيثار الصدق على ذلك التقدير وإن كان مما يؤثر فى الواقع وإنما يستبعد ذلك لأنه لا يلزم من فرض التساوى وقوعه وإنما يتبادر الذهن إلى الجزم بإيثار الصدق مع التقدير فيغلط ويظن أنه جزم بإيثاره عند وقوع

<<  <  ج: ص:  >  >>