للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقدر والفرق بينهما غير خفى ولو سلم ذلك فى الشاهد أى فى حقنا فلا يلزم فى الغائب أى فى حق اللَّه تعالى لتعذر القياس فيه فإنا نقطع بأن اللَّه تعالى لا يقبح منه تمكين العبد من المعصية وأنه منا قبيح إذ يحرم على السيد تمكين عبده من المعاصى إجماعًا.

قالوا: ثالثًا: لو كان شرعيًا لزم إقحام الرسل فلا تنهيد البعثة وبطلانه ظاهر بيانه إذا قال الرسول: انظر فى معجزتى كى تعلم صدقى فله أن يقول لا أنظر فيه حتى يجب على النظر وأنه لا يجب حتى أنظر أو يقول لا يجب علىّ حتى يثبت الشرع ولا يثبت الشرع حتى أنظر وأنا لا أنظر ويكون هذا القول حقًا ولا سبيل للرسول إلى دفعه وهو حجة عليه وهو معنى الإفحام.

الجواب: أما أولًا: فبأنه مشترك الإلزام لأنه وإن وجب عندهم بالعقل فليس ضروريًا لتوقفه على إفادة النظر للعلم مطلقًا وفى الإلهيات خاصة وعلى أن المعرفة واجبة وأنها لا تتم إلا بالنظر وأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب والكل مما لا يثبت إلا بالنظر الدقيق وإذا كان وجوبه نظريًا فللمكلف أن يقول: ما تقدم بعينه وهو أنه لا يجب ما لم أنظر ولا أنظر ما لم يجب أو لا يجب ما لم يحكم العقل بوجوبه ولا يحكم ما لم يجب.

وأما ثانيًا: فبالحل وهو أن قوله: لا أنظر حتى يجب؛ غير صحيح لأن النظر لا يتوقف على وجوب النظر وهو ظاهر وقد يقال: فلا يمكن إلزامه النظر وهو معنى الإفحام ولو سلم أن النظر يتوقف على وجوبه فقوله: لا يجب حتى أنظر أو حتى يثبت الشرع؛ غير صحيح، فإن الوجوب عندنا ثابت بالشرع نظر أو لم ينظر ثبت الشرع أو لم يثبت لأن تحقق الوجوب لا يتوقف على العلم به وإلا لزم الدور وليس ذلك من تكليف الغافل فى شئ فإنه يفهم التكليف وإن لم يصدّق به.

قالوا: رابعًا: لو كان ذلك أى لو تحقق كونه شرعيًا للزم محالان:

أحدهما: فى فعل اللَّه تعالى وهو أن لا يقبح مند فلا شئ يمتنع عليه شئ فيلزم جواز إظهار العجزة على يد الكاذب وفيه سد باب إثبات النبوة وأن يمتنع الحكم بقبح نسبة الكذب إليه قبل السمع ويلزم أن لا يجزم بصدقه أصلًا لأنه مما لا يمكن إثباته بالسمع لأن حجية السمع فرع صدقه تعالى إذ لو جاز كذبه لم يكن تصديقه للنبى دالًا على صدقه فينسد باب إثبات النبوة وترتفع الثقة عن كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>