ثانيهما: فى فعل العبد وهو أن لا يقبح التثليث ونسبة الزوجة والولد والكفء إليه تعالى وأنواع الكفر من العالم بخلافه قبل السمع وبطلانه ضرورى.
والجواب عن الأول لا نسلم امتناع إظهار العجزة على يد الكاذب والكذب على اللَّه تعالى امتناعًا عقليًا كنا نجزم بعدمه لأنهما من الممكنات وقدرته شاملة ولو سلم امتناعه فلا نسلم أن امتناع القبح العقلى يستلزم انتفاءه لجواز أن يمتنع لمدرك آخر إذ لا يلزم من انتفاء دليل معين انتفاء العلم بالمدلول.
وعن الثانى أنه لو أريد بقبح التثليث التحريم الشرعى وهو المنع عنه من قبل اللَّه تعالى الذى هو المتنازع فيه التزمنا عدم قبحه وإن أريد به معنى آخر فلا يضرنا لأنه إثبات لغير المتنازع فيه.
قوله:(بل بأحد ما ذكر) المعنى الأول هو الظاهر والثانى تكلف محض معناه لا نسلم أن حسن الصدق النافع والإيمان وقبح الكذب الضار والكفران بمعنى استحقاق الثناء والذم فى حكم الشارع أو بمعنى وجود الحرج وعدمه ضرورى؛ بل بمعنى موافقة الغرض ومخالفته فالأحد معين لكن أبهمه لكونه كافيًا فى المقصود أعنى عدم ثبوت المتنازع فيه الذى هو أحد الأخيرين بالتعيين ولا دلالة فى هذا على أنه بأى معنى يوجد لا يثبت المتنازع حتى يفهم منه أن محل النزاع غير التفسيرات الثلاث؛ وكأن فى قوله أو نمنع بلفظ الفعل إيماء إلى أن هذا ليس تفسير والكلام المتن بل منعًا آخر.
قوله:(فإذًا تقدير تساويهما) يعنى إذا كان لكل منهما لوازم مخالفة للوازم الآخر كان تقدير تساويهما من جميع الوجوه تقدير أمر مستحيل وحينئذ لا نسلم أن العقل يؤثر الصدق على ذلك التقدير أى عند وقوع التساوى بل لا يؤثر الصدق ولا الكذب، وإن كان يؤثره فى الواقع لعدم وقوع المقدر فإن قيل إيثار الصدق عند وقوع التساوى مما لا يكاد يجزم به العقل ويستبعد منعه قلنا: لأنه يلتبس عليه حال وقوع التساوى بحال فرضه وتقديره فيظن أن جزمه بإيثار الصدق عند فرض التساوى وتقديره جزم بإيثاره عند وقوع التساوى، وكما يستبعد منعه عند تقدير الوقوع يستبعد منعه عند وقوع المقدر والفرق بينهما غير خفى على المتأمل لأن الجزم مع التقدير جزم فى حال عدم التساوى بل نرجح الصدق والجزم عند وقوع