للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصدق، ولولا أن حسنه ثابت له فى ذاته ومعلوم بالضرورة لما كان كذلك، والجواب أن يقال: لا استواء بين الصدق والكذب فى نفسر الأمر من جميع الوجوه (لأن لكل واحد منهما لوازم) منافية للوازم الآخر أقلها المطابقة واللامطابقة (فإذًا تقدير تساويهما) فى جميع المقاصد والجهات (تقدير) أمر (مستحيل) فيتوجه منع التقدير (فيمنع إيثار الصدق على ذلك التقدير، وإن كان مما يؤثر فى الواقع وإنما يستبعد) منع إيثار الصدق على ذلك التقدير (لأنه لا يلزم من فرض التساوى) بينهما (وقوعه) فى نفس الأمر فهنا شيئان نفس التقدير وهو أمر واقع لا استحالة فيه ووقوع المقدر هو المستحيل ومنع الإيثار إنما هو على الثانى لا الأول وليس بمستبعد فى نفسه لجواز استلزام المحال للمحال (وإنما) يستبعده الذهن؛ لأنه (يتبادر إلى الجزم بإيثار الصدق مع) وجود (التقدير فيغلط ويظن أنه جزم بإيثاره عند وقوع المقدر والفرق) بين الجزمين الحاصل والمظنون أو بين نفس التقدير ووقوع المقدر (غير خفى ولو سلم ذلك) أى كون الحسن والقبح للفعل فى ذاته (فى حقنا) بما ذكرتم من الدليل (فلا يلزم ذلك فى حق اللَّه تعالى) وكلامنا فيه؛ لأن البحث عن الحسن والقبح بالإضافة إلى أحكام اللَّه تعالى لعدم جريانه فى حقه تعالى ولا يمكن القياس لأنا نقطع بالفرق إجماعًا لا يقال: إذا سلم أن الحسن مثلًا ذاتى للفعل وما يستند إلى ذات الشئ لا يختلف أصلًا فيلزم ثبوته فى حقه تعالى أيضًا، لأنا نقول: ما ذكرتم إنما يدل على أن للصدق حسنًا قائمًا بذاته، وأما إنه مقتضى ذاته من حيث هى فلا وحينئذ جاز الاختلاف بالمقايسة.

قوله: (لزم إفحام الرسل) أى: إسكاتهم وعجزهم عن إثبات النبوة.

قوله: (فله أن يقول: لا أنظر فيه) أى فى المعجز (حتى يجب علىَّ النظر) فيه إذ له أن يمتنع عما لم يجب عليه وأن النظر فيه لا يجب علىَّ حتى أنظر فيه إذ لا وجوب بالفرض إلا من الشرع فوجوب النظر فيه يتوقف على ثبوت الشرع المتوقف على النظر فيه فيتوقف كل من النظر فيه ووجوبه على الآخر، وله أن يقول: هذا المعنى بعبارة أوضح، فيقول: لا يجب علىَّ النظر فيه حتى يثبت الشرع لما عرفت ولا يثبت الشرع حتى أنظر وأنا لا أنظر ما لم يجب، وإذا بطل كونه شرعيًا ثبت كونه عقليًا إذ لا مخرج عنهما إجماعًا.

قوله: (أما أولًا فبأنه مشترك الإلزام لأنه) أى لأن النظر (وإن وجب عندهم

<<  <  ج: ص:  >  >>