بالعقل فليس) وجوبه (ضروريًا لتوقف الوجوب على إفادة النظر للعلم مطلقًا) أى: فى الجملة وأنكرها السمنية فى الإلهيات خاصة وقد أنكرها المهندسون وعلى أن معرفة اللَّه تعالى واجبة وقد جحده الحشوية وأن المعرفة لا تتم إلا بالنظر وقد منعه الصوفية وأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وسيأتى ما قيل عليه، فإن قلت: ما ذكرتموه يتعلق بوجوب النظر فى معرفة اللَّه سبحانه والكلام فى النظر فى المعجزة قلت النظر فى معرفة الرسالة من اللَّه تعالى نظر فى معرفته من حيث الصفات الفعلية، أو نقول: وجوب النظر فى معرفة الرسالة منه تعالى متوقف على وجوب النظر فى معرفته فيتوقف على هذه المقدمات أيضًا ولك أن تحمل المعرفة المذكورة على معرفة الرسالة منه تعالى وباقى المقدمات على حالها فكل واحد منها لا يثبت إلا بالنظر الدقيق فبطل ما زعموا من أن وجوب النظر من القضايا الفطرية القياس، وإذا كان وجوب النظر نظريًا فللمكلف أن يقول: لا يجب علىَّ النظر فى المعجز ما لم أنظر فى وجوبه؛ لأن وجوبه مستفاد من النظر ولا أنظر فى وجوبه ما لم يجب علىَّ إذ ما ليس بواجب على لا أنظر فى وجوبه، فإن قيل: هو وإن لم يكن واجبًا لكن النظر فى وجوبه واجب فليس له الامتناع قلنا: ممنوع وإن سلم فبنظر آخر ويلزم التسلسل أو يقول: لا يجب على النظر فيه ما لم يحكم العقل بوجوبه ولا يحكم العقل به ما لم أنظر فيه وأنا لا أنظر فى وجوبه ما لم يجب على لما عرفت.
قوله:(فإن الوجوب) أى وجوب النظر فى المعرفة أو مطلق الوجوب الشامل له ولغيره. (ثابت) فى نفس الأمر (بالشرع نظر) المكلف (أو لم ينظر ثبت الشرع) عنده (أو لم يثبت لأن تحقق الوجوب) فى نفس الأمر (لا يتوقف على العلم به وإلا لزم الدور) لأن تحقق العلم به متوقف على تحققه فيه ضرورة وجوب مطابقته إياه، غاية ما فى هذا أن يقال: إنه تكليف بالوجوب للغافل عنه وإنه باطل إجماعًا؛ فيجاب بأنه ليس ذلك من تكليف الغافل المستحيل فى شئ فإن المكلف فى هذه الصورة يفهم التكليف وإن لم يصدق به وليس التصديق بالتكليف شرعًا لتحققه وإلا لزم الدور، وأما الغافل الذى لا يجوز تكليفه فهو من لا يفهم الخطاب كالصبيان أو يفهم لكنه لم يقل له: إنه مكلف كالذى لم تصل إليه دعوة نبى والحاصل أن الغافل عن التصور لا يجوز تكليفه لا الغافل عن التصديق،