وهذا هو الجواب المحقق عما فيه فى إيجاب معرفة اللَّه تعالى من أنه إما تكليف الغافل أو أمر بتحصيل الحاصل لا ما قيل من أن ذلك مستثنى من قاعدة تكليف الغافل إذ لا جواز للاستثناء فى الدلائل القطعية.
قوله:(وهو أن لا يقبح منه تعالى شئ) إذ لا قبح للأشياء عقلًا ليثبت بالقياس إليه، وأما القبح الشرعى فلا يتصور فى حقه سبحانه لترتبه على النواهى الشرعية المتعلقة بالعباد لا بالخالق تعالى وأيضًا الكلام قبل ثبوت الشرع وإذا انتفى القبح الصارف لم يمتنع عليه شئ فيلزم جواز إظهاره المعجزة على يد الكاذب فلا يحصل لنا الجزم بانتفائه فلا يلزم صدق مدعى الرسالة أصلًا، ويلزم أيضًا أن يمتنع منا الحكم بقبح نسبة الكذب إليه تعالى قبل السمع إذ لا قبح هناك فلا يعلم انتفاء الكذب عنه بل جوازه، ويلزم من ذلك أن لا يجزم بصدقه أصلًا لأن صدقه مما لا يمكن إثباته بالسمع لأن حجية السمع بل ثبوته فرع صدقه تعالى إذ لو جاز كذبه لم يكن تصديقه للنبى بإظهار المعجزة فإنه فى قوة قوله: هذا صادق فى دعواه دالًا على صدقه وإذا كان السمع متوقفًا على صدقه لم يكن إثباته به وقد عرفت أن لا جزم بصدقه من حيث العقل فينسد باب إثبات النبوة لتوقفه على الجزم بصدقه ويرتفع أيضًا الثقة عن كلامه.
قوله:(من العالم بخلافه) أى بخلاف ما ذكر من التثليث وغيره وفى بعض النسخ من العالم بحاله أى: الذى يعلم حاله تعالى وأنه ليس ثالث ثلاثة ولا زوجة له ولا ولد.
قوله:(وإن كنا نجزم بعدمه) أى بعدم إظهار المعجز على يد الكاذب وعدم الكذب إذ لا يلزم من جواز الشئ عقلًا عدم الجزم بعدمه كما سبق فى العلوم العادية.
قوله:(ولو سلم امتناعه) أى امتناع الإظهار والكذب فى نفس الأمر فلا نسلم أن انتفاء القبح العقلى يستلزم انتفاء امتناع وانتفاء العلم به لجواز أن يمتنع لمدرك آخر؛ أى يجوز أن يمتنع بسبب آخر ويدرك إذ لا يلزم من انتفاء سبب معين هو دليل معين انتفاء المسبب المدلول أو انتفاء العلم به.
قوله:(الذى هو المتنازع فيه) فيه بحث لأن القبح بهذا المعنى لا يتصور ثبوته قبل الشرع فكيف يتنازع فيه أنه ثابت قبله أو لا ومن ادعى قبح التثليث قبل السمع