للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دائمًا لأجله فإنه يعدّ استهزاءً منه بالملك، فكذا ههنا بل اللقمة بالنسبة إلى الملك وما يملكه أكثر مما أنعم اللَّه به على العبد بالنسبة إلى اللَّه وشكر العبد بفعله أقل قدرًا فى جنبا اللَّه من شكر الفقير للملك بتحريك أصبعه.

قوله: (أبطلوا هاتين المسألتين) فيه تسامح لأن المسألة الأولى على ما ذكر: هى أن شكر المنعم ليس بواجب عقلًا والثانية: هى أن لا حكم لأفعال العقلاء ومعناه لا حكم لها أى فيما لا يقضى العقل فيه بحسن ولا قبح على ما صرح به فى المتن إذ لو أجرى على عمومه لم يكن مسألة على التنزل وقوله فى المتن بل اللقمة بالنسبة إلى الملك أكثر مما يؤكد أمر الاستهزاء وأما ما ذكره الشارح من أن شكر العبد أقل قدرًا من شكر الفقير فلا يؤكده بل ربما يخلّ به؛ لأن مبنى الاستهزاء على قلة النعمة وكثرة الشكر.

قوله: (تنزلوا عن ذلك الأصل) يعنى: بطلان حكم العقل إلى مذهبهم فالتنزل ههنا الانتقال من المذهب الحق الذى هو فى غاية العلو إلى المذهب الباطل الذى هو فى غاية الانخفاض، وكأن الفائدة فى تسليم القاعدة بعد إبطالها وبيان فساد هاتين المسألتين اللتين هما من فروعها المعتبرة إظهار سقوط كلامهم فى فرعهم بناء على أصلهم كسقوط كلامهم فى أصلهم.

قوله: (فلا إثم فى تركه على من لم تبلغه دعوة نبى) إشارة إلى فائدة الخلاف.

قوله: (لولا الفائدة لكان) أى الشكر (عبئًا وهو قبيح فلا يجب عقلًا أو كان إيجابه عبئًا وهو قبيح فلا يجوز على اللَّه سبحانه) يعنى أن ضمير كان فى قوله وإلا لكان عبئًا راجع إلى الشكر أو إيجابه فإن قلت: الوجوب العقلى هو أن يكون الفعل فى ذاته بحيث يستحق فاعله المدح والثواب وتاركه الذم والعقاب فلا يكون مستفادًا من الشرع والإيجاب من اللَّه سبحانه حينئذٍ بمعنى كشف الوجوب لا إثباته كما تحقق فيما سبق فإن حمل قوله: أو كان إيجابه على الكشف لم يكن له معنًى، وإن حمل على الإثبات لم يوافق القاعدة قلت: الظاهر من مذهب المعتزلة أن الوجوب وأخواته صفات ثابتة للأفعال فى ذواتها لا من الشرع بل هو كاشف عنها كما مر، ويمكن أن يحمل على أن للأفعال صفات فى ذواتها تقتضى الإيجاب

<<  <  ج: ص:  >  >>