للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتحريم وغيرهما من اللَّه سبحانه والعقل قد يطلع على ذلك بالضرورة أو بالنظر قبل الشرع فيثبت الوجوب عقلًا بهذا المعنى فلعله نظر إلى هذين الوجهين فأورد ذينك الوجهين.

قوله: (فلأن منه) أى من الشكر (فعل الواجبات وترك المحرمات العقلية) وذلك لأن الشكر عندهم ليس قول القائل الشكر للَّه أو الحمد للَّه أو ما يماثل ذلك كما يسبق إلى الوهم لأن العقل لا يوجب النطق بلفظ دون آخر، بل هو صرف العبد جميع ما أنعم اللَّه عليه فيما خلق وأعطاه (١) لأجله؛ كصرفه النظر إلى مصنوعاته والسمع إلى تلقى أوامره وإنذاراته وعلى هذا القياس قيل: وهذا معنى الشكر حيث ورد فى كتابه الكريم ولهذا وصف الشاكرين بالقلة، قال فى الأحكام: شكر اللَّه تعالى عند الخصوم ليس هو معرفة اللَّه سبحانه لأن الشكر فرع المعرفة وإنما هو عبارة عن إتعاب النفس وإلزام المشقة لها بتكليفها تجنب المستقبحات العقلية وفعل المستحسنات العقلية والتفسير الأول أشمل وبما فى الكتاب أنسب.

قوله: (ولا حظ للنفس فيه) أى فى فعل الواجبات وترك المحرمات وما هو كذلك أى ما هو مشقة بلا حظ لا يكون له فائدة دنيوية.

قوله: (لا مجال للعقل فيه) قيل: فيه نظر لأن المعتزلة لما قالوا باستقلال العقل بإدراك حسن بعض الأفعال الموجب للثناء والثواب، فقد قالوا باستقلاله بمعرفة الفائدة الأخروية فكيف يسلمون عدم المجال بالاستقلال؟ نعم، لو لم تسلم القاعدة سقط المنع، وقيل: الجزم بالفائدة الأخروية أعنى حصول الثواب أو دفع العقاب إنما يحصل لو لم يكن للإتيان بالشكر احتمال العقاب وهو ممنوع ولعل الشارح قدس اللَّه سره نظر إلى أن المعتبر من الحسن والقبح استحقاق المدح والذم فقط لا باعتبارهم إياهما بالقياس إلى اللَّه سبحانه لا يتصور فيه استحقاق ثواب وعقاب.

قوله: (وقولهم هذا) أى قولهم بحصول الأمن من احتمال العقاب بناء على كونه لازم الخطور فى أكثر الناس ولا يحصل من تسليم الخطور فى البعض مطلوبهم لإيجابهم الشكر على كل عاقل ولو سلم لزوم الخطور فى الكل فإزالة


(١) قوله: وأعطاه. كذا فى الأصل ولعل هذه الكلمة من زيادة الناسخ، أو محرفة عن أعضائه فحرر. كتبه مصحح طبعة بولاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>