قطع لا توقف وتارة بعدم العلم بأن هناك حكمًا أم لا أو بأنه الحظر أو الإباحة، وإلى هذا تشير عبارة الشارح بقوله والوقف عنهما فإن قيل كيف يتصور القول بالحظر أو بالإباحة بالمعنى المذكور مع أنه لا شرع ولا حكم من العقل بحسن أو قبح قلنا معناه أن الفعل الذى لا يدرك العقل فيه بخصوصه جهة محسنة أو مقبحة كأكل الفواكه مثلًا ولا يحكم فيه بحكم خاص تفصيلى فى فعل فعل فحكم العقل فيها على الإجمال أنها محرمة عند الشارح وإن لم يظهر الشرع ولم يبعث النبى أو مباحة، وبهذا يظهر فساد اعتراض الشارحين على صورة التصرف فى ملك الغير وصورة الضرر الناجز وأمثال ذلك بأنها خارجة عن محل النزاع لاستلزام الحكم بالتحريم إدراك جهة القبح، ثم جوابهم بمنع ذلك وبأن المراد احتمال الضرر.
قوله:(لا ثالث لهما) إذ لو وجد لجاز تركهما جميعًا اشتغالًا بالثالث فلم لجزم التكليف بالمحال وفيه بحث؛ لأن الثالث أيضًا حرام يجب تركه؛ فإن قيل يجوز أن يكون الثالث مما تدرك فيه جهة حسن قلنا فكذا أحد الضدين ففى الجملة لا حاجة إلى نفى الثالث.
قوله:(والتقريب واضح) وهو أن تناول العبد للمستلذات التى خلقها اللَّه تعالى بمنزلة تناول المملوك قطرة من بحر مالكه بل أقل فكيف يحكم العقل بتحريمه.
قوله:(ومثله آت فى المحرم) بأن يقال إن أردت بالحرمة أن العقل يحكم بأنه قبيح حرام فى حكم الشارع لزم التناقض لأن المفروض أنه مما لا حكم للعقل فيه بحسن أو قبح فى حكم الشارع وسيجيء الجواب عن هذا وقد حققناه فى تحرير المبحث وهو أن المراد بعدم حكم العقل أنه لا يدرك فيه بخصوص جهة حسن أو قبح وهذا لا ينافى الحكم العام بالحرمة أو بالإباحة؛ بل الوجوب نظرًا إلى الدليل.
قوله:(المعارضة بأنه ملك الغير فيحرم) فإن قيل المعارضة بدليل المحرم تنافى تسليم أن لا حرج فى الفعل والترك قلنا هى من قبيل المحرم على أنها لا يجب أن تكون على وفق المعتقد بل يجب أن يكون نافيًا لما ادعاه الخصم.
قوله:(ومن قبل الواقف) يعنى أن المراد بالتوقف أن الفعل الذى لا يدرك العقل فيه بخصوصه جهة حسن أو قبح العقل بأن لذلك الفعل فى نفسه حكمًا من الشارع بالحظر أو الإباحة حتى إن بعض أفراده مباح وبعضها محظور، لكن فى أى