للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معين فرضت لا أدرى أن الحكم الحظر أو الإباحة وهذا غير الأمرين اللذين وقع فيهما الترديد أعنى التوقف عن الحكم لعدم السمع والتوقف فى الحكم لتعارض الأدلة وهذا فى التحقيق هو الأمر الثانى من الأمرين أعنى التوقف فى الحكم لكن لا لتعارض الأدلة بل لعدم الدليل على التعيين.

قوله: (وهو أنه لا حكم لأفعال العقلاء قبل الشرع) أى عند الأشاعرة إذ لا حاكم عندهم إلا الشرع كما مر وإذ لا شرع فلا حكم فلا حرج فى شئ من أفعالهم سواء كانت اضطرارية لا يمكن البقاء والتعيش بدونها أو اختيارية هى بخلافها، وذهبت المعتزلة إلى أن الاضطرارية جائزة عقلًا، وأما الاختيارية فقد قسموها إلى قسمين ما لا يقضى العقل فيه بحسن ولا قبح وإلى غيرها والمناقشة معهم بعد التنزل على ما فى الكتاب إنما هى فى القسم الأول لا فى الثانى ولا فى الاضطرارية فإنهم اكتفوا فى إبطال قولهم فيهما بإبطال قاعدة التحسين والتقبيح وما ذكره فى وجه الانقسام إلى الخمسة ظاهر قال فى الأحكام: ما حسنه العقل إن استوى فعله وتركه فى النفع والضر سموه مباحًا وإن ترجح فعله على تركه فإن لحق الذم بتركه سموه واجبًا وإلا فمندوبًا وما قبحه العقل فإن لحق الذم بفعله سموه حرامًا وإلا فمكروهًا وفيه تصريح بأن المكروه عندهم مندرج تحت القبيح وقد قيل بانحصاره عندهم فى الحرام وقد سبق إليه إشارة.

قوله: (أما الحاظر فنقول له: لو كانت) أى ما لا يقضى العقل فيها بحسن ولا قبح من الأفعال الاختيارية (محظورة وفرضنا) أن من جملتها (ضدين لا ثالث لهما) فلا يمكن خلو المحل عنهما (كالحركة والسكون) فإن الجسم بعدان، حدوثه لا يخلو عنهما فلو كانا محظورين على العاقل (لزم التكليف بالمحال) وأنه باطل على أصلكم.

قوله: (لا ينزف) أى لا ينزح ماؤه من قولهم: نزفت ماء البئر نزفًا، إذا نزحته كله أو لا يذهب ماؤه ولا ينقطع من قولهم: نزفت البئر، أى: ذهب ماؤها، فعلى الأول يقرأ مجهولًا وعلى الثانى معلومًا.

قوله: (والتقريب واضح) التقريب تطبيق الدليل على المدعى، وبعبارة أخرى هو سوق الدليل على وجه يفيد المطلوب فيقال ههنا: إذا لم يحكم العقل بالتحريم

<<  <  ج: ص:  >  >>