فى هذه الصورة مع إمكان احتياج الجواد إلى تلك القطرة وتناهى جوده وما يملكه فبالأولى أن لا يحكم بالحرمة مثلًا فى الاستلذاذ بنعمة من نعمه سبحانه مع استغنائه عنها ولا تناهى جوده وما يملكه وعلى هذا يندفع ما قيل من أنه مثال اخترعه الأستاذ يفيد استبعاد الحظر ولا حجة فيه فلا حاجة إليه.
قوله:(تُبْتنَى) على صيغة المجهول لأن بنى وابتني بمعنًى، كذا فى الصحاح.
قوله:(لما علم) أى: تحريم التصرف فى ملك الغير.
قوله:(ولذلك لا يقبح) أى لأن حرمة التصرف بالعقل إنما هى بالقياس إلى من يلحقه ضرر بذلك التصرف لا مطلقًا لا تقبح ولا تحرم هذه الأمور المذكورة لعدم تضرر المالك بهذه التصرفات.
قوله:(ولو سلم فمعارض) يعنى: ولو سلم أن العقل يحكم بحرمة التصرف فى ملك الغير بغير إذنه مطلقًا بناء على أنه يوجب الخوف من العاقبة فدليلكم هذا معارض بما فى منع النفس عن تلك الأفعال كتناول الفاكهة مثلًا من الضرر الناجز ودفع هذا الضرر بل الضرر مطلقًا عن النفس واجب عندكم عقلًا ولا يندفع إلا بالتناول فلا يكون محظورًا، بل واجبًا وليس تحمل هذا الضرر الناجز لدفع ضرر الخوف الحاصل من التصرف أولى من العكس بل ربما كان العكس أولى، وما قيل من أنا نمنع كون صورة الضرر الناجز مما لا يقضى العقل فيها بحسن ولا قبح ليندرج تحت التنازع فيها فقد أجيب عنه بأن المراد جواز الضرر الحاجز فلا يخرج عنها، فإن العقل وإن لم يقض بحسن ولا قبح لكنه لم يجزم بعدم احتمال الضرر الناجز وقد يقال: الظاهر أن أكل الفواكه من صور النزاع أيضًا فاندفع المنع.
قوله:(وإن أردت خطاب الشارع بذلك) أى بعدم الحرج فى الفعل والترك.
قوله:(فالمفروض أنه) أى المتنازع فيه (مما لا حكم للعقل فيه بحسن أو قبح فى حكم الشارع) وبالقياس إليه (فإن ذلك) أى: عدم الحكم للعقل فيه بحسن أو قبح فى حكم الشارع هو (معنى عدم حكم العقل بحسنه أو قبحه وقد فرضته كذلك) أى لا حكم للعقل بحسنه أو قبحه فلا يثبت فيه شئ من تلك الأحكام ولو أثبت الإباحة به لزمك التناقض، وهو ثبوت الإباحة وعدمها بحكم العقل ومثله فى المحرم فيقال له: إن أردت خطاب الشارع بالحرمة فلا شرع قبل وروده، وإن أردت حكم العقل بالحرمة فالمفروض أن لا حكم للعقل فيه بحسن أو قبح