وأما الثانى فقيل: إنه ليس بحكم ونحن لا نسمى هذه الأمور أحكامًا وإن سماها غيرنا به فلا مشاحة فى الاصطلاح.
واعلم أن الحد الأول للغزالى ويمكن الذب عنه بأن الألفاظ المستعملة فى الحدود تعتبر فيها الحيثية وإن لم يصرح بها فيصير المعنى المتعلق بأفعال المكلفين من حيث هم مكلفون، وقوله:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} لم يتعلق به من حيث هو فعل مكلف، ولذلك عم المكلف وغيره.
قوله:(ليتناول ما لا يعم) لا خفاء فى أنه إن أجرى على ظاهره لم يتناول شيئًا من الأحكام إذ لا يصدق على حكم ما أنه خطاب متعلق بجميع أفعال المكلفين فالمراد فى تعلقه بفعل منها وحينئذ تدخل الخواص وغيرها.
قوله:(فورد عليه) أى لا زيد قيد الاقتضاء والتخيير خرج عن التعريف أحكام الوضع ككون الشئ دليلًا مثل الإجماع والقياس لما يجب بهما أو سببًا مثل دلوك الشمس للصلاة والزنا لوجوب الجلد أو شرطًا كطهارة المبيع لصحة البيع فزيد قيد "أو الوضع" لتدخل ولم يذكر الآمدى فى أصناف خطاب الوضع جعل الأدلة حججًا وذكرهما فإن قيل هب أن ما خرج بقيد الاقتضاء أو التخيير دخل بقيد "أو الوضع" لكن من الأسباب والشروط ما ليس فعل المكلف كزوال الشمس وطهارة المبيع ونحو ذلك فكيف يستقيم الحد طردًا وعكسًا؟ قلنا: المراد بالتعلق الوضعى أعم من أن يجعل فعل المكلف سببًا أو شرطًا لشئ مثلًا أو يجعل شئ شرطًا أو سببًا له.
قوله:(يعتبر فيها حيثية التكليف) لا يخفى أن اعتبار حيثية التكليف فيما يتعلق به خطاب الإباحة بل الندب والكراهة موضع تأمل.
قوله:(وإنه هو الشرع) من قبيل أعجبنى زيد وكرمه.
قوله:(وقد لزم مما بين) أى من انحصار الحاكم فى الشرع وبطلان كون العقل إن استحكم إنما هو الحكم الشرعى فقط.
قوله:(والخطاب توجيه الكلام نحو الغير للإفهام) هذا مفهومه بحسب أصل اللغة ثم نقل إلى الكلام الموجه نحو الغير للإفهام وهو المراد ههنا اللهم إلا إذا أريد بالحكم المعنى المصدرى فيحمل الخطاب على المعنى الأصلى قال فى الأحكام: