سببًا فى الجملة لا يوجب انتهاضه دائمًا ثم ذكر أن فى تسمية الكلام فى الأزل خطابًا خلافًا وهو مبنى على تفسير الخطاب فإن قلنا: إنه الكلام الذى علم أنه يفهم كان خطابًا وإن قلنا: هو الكلام الذى أفهم لم يكن خطابًا ويبتنى عليه أن الكلام حكم فى الأزل أو يصير حكمًا فيما لا يزال فإن قلت: ما معنى سببية الفعل للعقاب وأنتم لا توجبون العقاب به كما تقول المعتزلة قلت معناه أنه لو عوقب به وقيل إنما عوقب لكذا للاءم العقل ولم يستقبح فى مجارى العادات.
واعلم بعد هذا كله أنه يرد عليه وجوب الكف فى قوله: كف نفسك فعلى حد الوجوب عكسًا وعلى حد التحريم طردًا والتحقيق أنه إيجاب للكف تحريم للفعل فلا بد من اعتبار الإضافة فيهما بأن يقال: الطلب إما أن يعتبر من حيث يتعلق بفعل أو من حيث يتعلق بالكف عنه. . . إلخ. ولو حمل عليه كلامه فلا يبقى قوله: غير كف محتاجًا إليه.
قوله:(وإن كان طلبًا للكف عن فعل) كان مقتضى المناسبة أن يقول: طلبًا للفعل هو كف ينتهض تركه إلا أنه اقتصر على المقصود مع زيادة الوضوح وأقام ذلك الفعل مقام فعله فى عبارة المتن لئلا يتوهم عود الضمير إلى الكف، وللإشارة إلى قلة الفرق بين قولنا: ينتهض الفعل أو الكف وقولنا: فعل الفعل وفعل الكف إذ معناه إيقاعه والإتيان به وهذا ما يقال: إن التأثير عين حصول الأثر بحسب الوجود.
قوله:(وههنا نكتة) قد اعترض على تعريف الحكم بأن مثل الوجوب والحل والحرمة من صفات أفعال المكلفين فكيف يكون خطاب اللَّه وكلامه؟ فقال الإمام فى المحصول: قولهم الحل والحرمة من صفات الأفعال ممنوع إذ لا معنى عندنا لكون الفعل حلالًا مجرد كونه مقولًا فيه رفعت الحرج عن فعله ولا معنى لكونه حرامًا إلا كونه مقولًا فيه: لو فعلته لعاقبتك فحكم اللَّه هو قوله والفعل متعلق القول وليس لمتعلق القول من القول صفة؛ وإلا لحصل للمعدوم صفة ثبوتية بكونه مذكورًا ومخبرًا عنه ومسمى بالاسم المخصوص؛ فالشارح المحقق أضاف إلى ذلك زيادة تحقيق وتدقيق وهو أن الخطاب صفة للحاكم متعلق بفعل المكلف فباعتبار إضافته إلى الحاكم يسمى إيجابًا وإلى الفعل وجوبًا والحقيقة واحدة والتغاير اعتبارى؛ وحينئذ يندفع ما يقال: إن الحكم هو الأثر الثابت بالخطاب لا