الانتفاء ضرورة أن الواحد المبهم من ثلاثة معينة كخصال الكفار مثلًا مفهوم واحد لا تعدد فيه قطعًا فيكون مستحيلًا قلت: يمكن أن يجاب عنه بأن هذا المفهوم وإن كان واحدًا لكنه يتناول جزئيات متعددة فربما يقال: هو واجب من حيث وجوده فى ضمن بعضها ومخير من حيث وجوده فى ضمن البعض الآخر وحينئذ يتعدد الواجب والمخير فيه، وتفصيل الكلام أن الوجوب إذا تعلق بالواحد المبهم فلا بد أن يتعلق التخيير به أيضًا لما عرفت فإن كان تعلقهما به من حيث هو هو أو من حيث إنه فى ضمن فرد معين يلزم اجتماع جواز الترك والوجوب فى شئ واحد وإن تعلق به أحدهما من حيث هو فى ضمن فرد والآخر من حيث هو فى ضمن آخر ولا شك أن التخيير فى المخير فيه إنما هو بالقياس إلى الواجب فيلزم التخيير بين واجب وغير واجب وهو يرفع حقيقة الوجوب إذ لا إلزام بالفعل حينئذ أصلًا أما بالقياس إلى ما ليس بواجب فظاهر وأما بالقياس إلى ما فرض واجبًا فلجواز تركه.
قوله:(الجواب أما أولًا فبالنقض) قيل: إنما يتوجه عليهم لو كان مذهبهم أن الواجب فى هذين المثالين هو الواحد المبهم، أما لو كان مذهبهم وجوب الجميع أو المعين على التفسيرين المذكورين فلا وأنت تعلم أن القول بوجوب الجميع فى مثال التزويج لا يقول به أحد، نعم يمكن القول بالتعيين على تفسيريه وأما المثال الآخر فيمن فيه القول بكل واحد منهما لكنه نظر إلى أن القول بوجوب تزويج الجميع وإعتاق جميع الرقبات مخالف للإجماع كما صرح به المصنف فى الشرح وإلى أن القول بالتعيين باطل قطعًا بما ذكره فمن ذلك يلزم المعتزلة القول بوجوب المبهم فى هذين المثالين فيتوجه النقض عليهم، واللَّه أعلم.
قوله:(وأما ثانيًا فبالحل ببيان ما هو الحق فيه) أى فى الواجب المخير وذلك الحق الذى بينه هو أن الذى وجب وهو الواحد المبهم أعنى هذا المفهوم الكلى لم يخير فيه إذ لا يجوز تركه البتة ولا تعبد فيه أيضًا والتخيير إنما هو فى كل واحد من المعينات وليس شئ منها بواجب لأن الشارع لم يوجب أحدًا معينًا من هذه المعينات، وإن كان كل واحد منها يتأدى به الواجب لتضمن كل واحد منها الواجب الذى هو مفهوم أحدها مبهمًا فليس معنى الواجب المخير أنه خير فى نفس ذلك الواجب كما يتبادر إلى الفهم من هذه العبارة، بل معناه الواجب الذى خير