للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى أفراده فبطل الملازمة الدعاة فى قولهم: لو كان الواجب واحدًا لا بعينه من حيث هو أحدها مبهمًا لكان الخير فيه واحدًا لا بعينه من حيث هو أحدها مبهمًا فإن قلت: هذا التحقيق يدل على أن الواجب الأمر الكلى وذلك خلاف ما ذهب إليه المصنف من أن الأمر بالكلى أمر بجزئى مطابق له لامتناع وجوده فى الخارج كما سيأتى قلت: ما ذكره هناك فهو سهو منه كما سيعلم، والجواب بالفرق بين الماهية والفرد المنتشر لا يتم لأن مفهوم الفرد المنتشر أمر على فإن كان هو الواجب ظهر المنافاة بين الكلامين، وإن كان الواجب ما صدق عليه من الجزئيات فإما جميعها أو بعضها وكلاهما قادح فيما ذكره من التحقيق وعليك بالتثبت فى هذا المقام فإنه من مزال الأوهام.

قوله: (وتعدد ما صدق عليه. . . إلخ) مفهوم أحدها مبهمًا أمر على يصدق على جزئيات متعددة وهو فى نفسه أمر لا يتحصل إلا فى ضمنها فإذا تعلق به الوجوب والتخيير فقد تعلق به جواز الترك وعدمه، وكأنه قد قيل: أوجبت عليك أحدها وأوجزت لك ترك أحدها وليس هذا الإيجاب والتخيير بالقياس إلى هذا الكلى فى نفسه بل معناه: أن أيها فعلت جاز لك ترك الباقى وأى اثنين تركت وجب عليك الثالث فليس شئ معين من الثلاثة موصوفًا بجواز الترك على التعيين أو بالوجوب على التعيين بل كل واحد يصلح على البدل لهذا تارة ولذلك أخرى وليس التخيير بين واجب وغير واجب بهذا المعنى ممتنعًا؛ إنما الممتنع التخيير بين واجب قد اتصف بالوجوب على التعيين كالصلاة وأكل الخبز واستوضح ذلك بما إذا حرم الشارع واحدًا من الأمرين وأوجب واحدًا مبهمًا فإن ذلك لا يتصور بالقياس إلى المفهوم الكلى بل معناه: أن أيهما فعلت حرم الآخر وأيهما تركت وجب الآخر فقد خير ههنا بين واجب ومحرم ولم يقدح ذلك فى الواجب ولم يرفع حقيقة الوجوب فقوله: وتعدد ما صدق عليه أحدها إذا تعلق به الوجوب والتخيير معناه إذا تعلق بمفهوم أحدها الوجوب والتخيير فلا بد أن يكون ذلك باعتبار تعدد ما صدق عليه هذا المفهوم لاستحالة تعلقهما به من حيث هو هو واستحالته من حيث صدقه على شئ واحد، وهذا التعدد يأبى كون متعلق الوجوب والتخيير واحدًا معينًا ليلزم اجتماع المتنافيين بل هما أعنى الوجوب والتخيير يتبادلان على متعدد يصلح كل منه أن يتصف بأحدهما بدلًا عن الآخر، ومن هذا التقرير ظهر أن هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>