جواب آخر، ومن جعله تتمة للجواب الثانى فقد نظر إلى ظاهر العبارة الموهمة أن الكل جواب واحد وغفل أن الحل بحسب المعنى قد تم بحيث لو انضم إليه شئ كان مستدركًا وأن مبناه على منع اللازمة المذكورة وفى هذا قد سلمت الملازمة وحقق أن تعلقهما بهذا المفهوم الكلى كيف يكون ومآله إلى منع أن التخيير بين الواجب وغيره يرفع حقيقة الوجوب فإن ذلك فيما ذكرتم من المثال لا فيما نحن بصدده كيف وقد علم من الحل أن التخيير لم يتعلق بالواجب ولم يخير بين الواجب وغيره، ومن هذا الجواب يفهم ثبوت التخيير بين الواجب وغيره وبالجملة مرجع الأول إلى منع الملازمة، ومرجع الثانى إلى منع بطلان التالى، وما قيل فى بيانه نعم تحقيق المقام ما ذكر فى الحل أولًا والاعتصام بحبل التوفيق.
قوله:(وهو حصول المصلحة بمبهم) بيان للجامع فإن مصلحة الفعل الواجب على الكفاية تحصل بفعل أحد الأمور مبهمًا فحصول المصلحة بمبهم قدر مشترك بينهما وهو مناط الحكم فى الكفاية فثبت فى المخير مثله، وفى قوله: وإن كان بلفظ التخيير إشارة إلى دفع المانع من عموم الوجوب، يعنى: أن كون الوجوب بلفظ التخيير لا يمنع عمومه كما فى الواجب على الكفاية قيل: وفى كون الكفاية بلفظ التخيير نظر.
قوله:(والخصم قد لا يساعده فى الثانية) أى: فى المقدمة القائلة: إن الإجماع فى المخير على التأثيم بترك البعض، لأن القائل بوجوب الكل لا يسلم التأثيم بترك البعض كيف والتأثيم بترك البعض، فقط فى قوة المتنازع فيه، ولولا أن المصنف صرح فى المنتهى بذلك أى بالإجماع على التأثيم بترك البعض حيث قال: الإجماع ثمة على تأثيم الجميع وههنا على تأثيمه بترك واحد لأمكن تقرير كلامه فى هذا الكتاب على وجه الاستئناف غير متعلق بالإجماع فيكون قوله: والتأثيم بترك البعض سندًا فلا يمنع وإن شئت حقيقة الحال فاستمع لما يتلى عليك من تحقيق المقال فنقول وباللَّه العصمة: إذا حمل الكلام على ما فى المنتهى كان المصنف مبطلًا لقياسهم بإثبات الفرق بين المقيس والمقيس عليه بهذا الوجه وهو أن الإجماع قد انعقد على تأتيم الكل فى الأصل وهذا المعنى ليس موجودًا فى الفرع بدليل الإجماع على التأثيم بترك البعض؛ فيتوجه المنع على دعوى الإجماع لأنها من مقدمات الدليل على انتفاء الصفة المعتبرة فى الأصل عن الفرع وإذا حمل على