اللهم إلا أن يجعل امتناع الطلب مبنيًا على أنه لا يتصور ثبوته فى الخارج وحينئذٍ يقع قوله: لأن حكم الذهن مرتبطًا أى الحكم بالامتناع ليس على الخارج حتى يلزم تصور المحكوم عليه مثبتًا فى الخارج وإلا فليس له كثير دخل فى عدم الكفاية والمضرة ولم يدع المعارض والمستدل حكم الذهن على الخارج بل صرح بأن المحكوم عليه بالامتناع لا ثبوت له إلا فى الذهن، هذا غاية ما أمكن فى هذا المقام، وتقرير غيره من الشارحين قاصر عن إفادة المرام، لأن أقرب ما قالوا هو أن السؤال معارضة ثانية فى المقدمة أو اعتراض على جواب العارضة الأولى توجيهه أنه يلزم من تصور الجمع بين الضدين تصوره مثبتًا فى الذهن لكونه محكومًا عليه فيكون حاصلًا فى الذهن فيتصور ثبوته فيه ولا يتصور وقوع الجمع بين الضدين فى الخارج حتى يلزم تصور الأمر على خلاف ما عليه، وأما الأجوبة الثلاثة:
فتقرير الأول: أن اجتماع الضدين لو كان متصورًا ذهنًا لكان الحكم باستحالته إنما هو بحسب الخارج دون الذهن ضرورة ثبوت المحكوم عليه فى الذهن فتصور وقوعه ذهنًا يكون تصور وقوع الممكن، والنزاع إنما هو فى تصور وقوع الحال أو أنه لو كان ثابتًا فى الذهن لكان ثابتًا فى الخارج لأن الذهن ثابت فى الخارج واللازم باطل لأنه لا مستحيل فى الخارج.
وتقرير الثانى: أنه يكون الحكم بالاستحالة الذاتية على ما ليس بمستحيل بالذات لأن المستحيل بالذات ما يمتنع تصوره أو أن الجمع بين الضدين فى الذهن غير مستحيل فيكون الحكم باستحالته حكمًا باستحالة ما ليس بمستحيل.
وأما فى الثالث: فلم يذكروا شيئًا يعتد به وفى بعض الشروح أن الثالث من تتمة الثانى، وكلاهما جواب واحد حاصله أن المستحيل إذا تصور ذهنًا فالحكم بالاستحالة إما على الذهنى وهو باطل لأنه غير مستحيل وإما على الخارجى وهو محال لأنه غير متصور، واعلم أن المتصور قد يراد به ما يمكن أن يكون له حصول خارجى وينبغى أن يكون بلفظ اسم الفاعل وإن اشتهر بلفظ اسم المفعول وقد يراد به ما له حصول عقلى وحينئذٍ لا يعتد بالذهن فلا يقال هذا متصور ذهنًا، وإذا تأملت كلامهم فى هذا المقام اطلعت على ابتناء بعض المغالطة على عدم الفرق بين المعنيين.
قوله:(وبيانه) ذكر فى المواقف نقلًا عن الشفاء أن المستحيل لا تحصل له صورة