بطريق الاختيار من غير أن يتأدى إلى وجوب أو امتناع.
قوله:(فإن ماهيته تنافى ثبوته) إشارة إلى أنه لا ينتقد بما علم اللَّه أنه لا يقع إذ لا يلزم من تصوره مثبتًا تصور الأمر على خلاف ماهيته.
قوله:(فإن قيل) حاصل السؤال إثبات أن المستحيل متصور الثبوت ذهنًا فتكون معارضة فى المقدمة القائلة بأن المستحيل لا يتصور وقوعه وإذا ضم إليه قولنا: وكل ما يتصور ثبوته يصح طلبه على ما يشعر به قوله: وذلك كاف فى طلبه، كان معارضة فى أصل الدعوى أو ابتداء دليل للمخالف من غير قصد إلى المقابلة أو الممانعة، وإنما ذكر فى هذا المقام وعلى طريق السؤال لشدة ملاءمته لدليل الخصم، نعم لما كان المذهبان على طرفى النقيض كان دليل كل منهما معارضة لدليل الآخر من جهة المعنى، وأما الأجوبة فتقريرها على ما فى الشارح ظاهر وإنما الكلام فى توجيهها وكأن الأول معارضة ولا يتوجه إلا إذا جعل السؤال دليلًا للمخالف وبالجملة فحاصله أن المستحيل هو الخارجى ليس هو الذهنى وهو ظاهر والمتصور هو الذهنى لأنه الحاصل فى العقل فليس المستحيل هو المتصور فإن قيل عدم الحصول فى الذهن لا يوجب عدم التصور، فإن المتصور هو الذى حصل فى العقل صورته لا هو نفسه، قلنا: إنما يكون ذلك فيما له صورة والمستحيل ليس كذلك، وفيه نظر، والثانى: نقض إجمالى، أى: لو صح ما ذكرتم لزم الحكم بالامتناع على ما ليس بممتنع. بيانه: أن المحكوم عليه فى قولنا: اجتماع النقيضين مستحيل وممتنع ونحو ذلك هو المتصور وقد ذكر فى تقرير السؤال أن المحكوم عليه المتصور ذهنى ثابت فى الذهن ومعلوم أن الثابت فى الذهن ليس بممتنع فالمحكوم عليه بالامتناع ليس بممتنع، وجوابه: أن المحكوم عليه فى القضية وإن كان متصورًا لكن لا يكون الحكم على الصورة الذهنية بل على ما له تلك الصورة وهو ذات الممتنع مثلًا، ولو سلم فعدم امتناع الذهنى إنما هو فى الذهن والحكم إنما هو بالامتناع فى الخارج، وحاصل معنى قولنا: اجتماع النقيضين ممتنع أن المعنى الحاصل فى الذهن من هذا اللفظ يمتنع أن يوجد له فى الخارج فرد يطابقه.
وأما الثالث: فلا أرى له توجيهًا لأن امتناع طلب المستحيل لما كان مبنيًا على أنه لا يتصور ثبوته كما سبق فى تقرير الدليل كان تصور ثبوت المستحيل ذهنًا كافيًا لما ذهبنا إليه من صحة طلبه نافيًا لما ذكرتم من امتناع تصور وقوعه فيكفينا ويضركم