للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (المخالف لو لم يصح لم يقع لأن العاصى مأمور وقد علم اللَّه أنه لا يقع وأيضًا أخبر أنه لا يؤمن، كذلك من علم بموته ومن نسخ عنه قبل تمكنه، ولأن المكلف لا قدرة له إلا حال الفعل وهو حينئذ غير مكلف فقد كلف غير مستطيع ولأن الأفعال مخلوقة للَّه تعالى، ومن هذين نسب تكليف المحال إلى الأشعرى، وأجيب بأن ذلك لا يمنع تصوّر الوقوع لجوازه منه فهو غير محل النزاع وبأن ذلك يستلزم أن التكاليف كلها تكليف بالمستحيل وهو باطل بالإجماع، قالوا: كلف أبا جهل تصديق رسوله فى جميع ما جاء به، ومنه أنه لا يصدقه فقد كلفه بأن يصدقه فى أن لا يصدقه، وهو مستلزم أن لا يصدقه، والجواب: أنهم كلفوا بتصديقه وإخبار رسوله كإخبار نوح عليه السلام ولا يخرج الممكن عن الإمكان بخبر أو علم نعم لو كلفوا بعد علمهم لانتفت فائدة التكليف ومثله غير واقع).

أقول: للمخالفين وهم مجوزو تكليف المحال وجهان:

قالوا: أوّلًا: لو لم يصح تكليف المحال لم يقع وقد وقع لأن العاصى مأمور ويمتنع منه النفعل لأن اللَّه قد علم أنه لا يقع، وخلاف معلومه محال، وإلا لزم جهله، وأيضًا أخبر أنه لا يؤمن فى قوله: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: ٦]، وخلاف خبره محال وإلا لزم كذبه وكذلك من علم بموته قبل تمكنه من الفعل المأمور به فإنه يمتنع منه الفعل وكذلك من نسخ عنه قبل تمكنه من الفعل فإنه يمتنع منه الفعل امتثالًا، ولأن المكلف لا قدرة له إلا حال الفعل، كما ثبت فى الكلام من مذهب الأشعرى وهو حينئذٍ غير مكلف، فإن التكليف قبل الفعل لإن استدعاء الفعل مقدم عليه إذ لا يتصور إلا فى المستقبل فهو حال التكليف غير مستطيع ولأن أفعال العباد مخلوقة للَّه تعالى على ما ثبت فى الكلام من مذهب الأشعرى ومن هذين الأصلين وهو قول الأشعرى إن القدرة مع الفعل وإن أفعال العباد مخلوقة للَّه نسب تكليف المحال إلى الأشعرى وإلا فهو لم يصرح به.

والجواب: وجهان:

أحدهما: أن ما ذكرتم لا يمنع تصور الوقوع لجواز وقوعه من المكلف فى الجملة، وإن امتنع لغيره من علم أو خبر أو غيرهما فهو غير محل النزاع.

ثانيهما: أنه يبطل المجمع عليه فيكون باطلًا بيانه أن ذلك يستدعى أن التكاليف

<<  <  ج: ص:  >  >>