قال:(وهو حجة عند الجميع ولا يعتدّ بالنظام وبعض الخوارج والشيعة، وقول أحمد رحمه اللَّه: من ادعى الإجماع فهو كاذب استبعاد لوجوده الأدلة منها: أجمعوا على القطع بتخطئة المخالف، والعادة تحيل إجماع هذا العدد الكثير من العلماء المحققين على قطع فى شرعى من غير قاطع يوجب تقدير نص فيه وإجماع الفلاسفة وإجماع اليهود وإجماع النصارى غير وارد، لا يقال أثبتم الإجماع بالإجماع، إذ أثبتم الإجماع بنص يتوقف عليه لأن المثبت كونه حجة ثبوت نص عن وجود صورة منه بطريق عادى لا يتوقف وجودها ولا دلالتها على ثبوت كونه حجة فلا دور ومنها: أجمعوا على تقديمه على القاطع فدل على أنه قاطع وإلا تعارض الإجماعان لأن القاطع مقدم فإن قيل: يلزم أن يكون المحتج عليه عند التواتر التضمن لدليلين ذلك قلنا إن سلم فلا يضر).
أقول: المقام الرابع: النظر فى حجيته وأنه حجة عند جميع العلماء، فإن قيل: فقد خالف النظام والشيعة وبعض الخوارج، قلنا: لا عبرة بمخالفتهم لأنهم قليلون من أهل الأهواء والبدع قد نشئوا بعد الاتفاق، فإن قيل: فقد قال أحمد وهو من جملة الأئمة: من ادعى الإجماع فهو كاذب، قلنا: هو منه استبعاد لوجوده أو للاطلاع عليه ممن يزعمه دون أن يعلمه غيره لا إنكار لكونه حجة، والأدلة على حجيته كثيرة منها: أنهم أجمعوا على القطع بتخطئة المخالف للإجماع، فدل على أنه حجة فإن العادة تحكم بأن هذا العدد الكثير من العلماء المحققين لا يجمعون على القطع فى شرعى بمجرد تواطؤ أو ظن بل لا يكون قطعهم إلا عن قاطع فوجب الحكم بوجود نص قاطع بلغهم فى ذلك فيكون مقتضاه، وهو: خطأ المخالف له حقًا، وهو يقتضى حقية ما عليه الإجماع، وهو المطلوب، وأورد عليه نقضًا إجماع الفلاسفة على قدم العالم وإجماع اليهود على أنه لا نبى بعد موسى وإجماع النصارى على أن عيسى قد قتل، ووجه وروده ظاهر.
والجواب: أن إجماع الفلاسفة عن نظر عقلى وتعارض شبه واشتباه الصحيح والفاسد فيه كثير، وأما فى الشرعيات فالفرق بين القطعى والظنى بين لا يشتبه على أهل المعرفة والتمييز، وإجماع اليهود والنصارى عن الاتباع لآحاد الأوائل لعدم تحقيقهم، والعادة لا تحيله بخلاف ما ذكرنا، وبالجملة فإنما يرد نقضًا إذا وجد فيه ما ذكرنا من القيود، وانتفاؤه ظاهر، لا يقال على أصل الدليل إنكم إن قلتم: