للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (المخالف تبيانًا لكل شئ فردوه ونحوه وغايته الظهور وبحديث معاذ حيث لم يذكره رضى اللَّه عنه وأجيب بأنه لم يكن حينئذٍ حجة).

أقول: المخالفون احتجوا بوجهين:

قالوا: أولًا: قال اللَّه تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩]، فلا مرجع فى تبيان الأحكام إلا إليه، والإجماع غيره، وقال أيضًا: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩]، فلا مرجع غير الكتاب والسنة ويمكن منع ظهوره فيما أراد بأن الأول لا ينافى كون غيره أيضًا تبيانًا ولا كون الكتاب تبيانًا لبعض الأشياء بواسطة الإجماع، والثانى: بأنه يختص بما فيه النزاع والمجمع عليه ليس كذلك، أو يختص بالصحابة وإن سلم فغايته الظهور ولا يقاوم القاطع، قوله: ونحوه إشارة إلى قول: {وَلَا تَأْكُلُوا} [الأنعام: ١٢١]، {وَأَنْ تَقُولُوا} [الأعراف: ٣٣]، {لَا تَقْتُلُوا} [الإسراء: ٣٣]، مما ورد نهيًا عامًا للأمة، عن خطأ ما ولولا جوازه منهم لما أفاده.

والجواب: بعد كونه منعًا لكل واحد لا للكل وعدم استلزام النهى الجواز أنه ظاهر كما مر.

قالوا: ثانيًا: يدل عليه حديث معاذ، وهو أنه أهمل الإجماع عند ذكر الأدلة إذ سأله النبى عليه الصلاة والسلام عنها وأقره النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدل على أنه ليس بدليل.

الجواب: أنه إنما لم يذكره لأنه حينئذٍ لم يكن حجة لعدم تقرر المأخذ من الكتاب والسنة بعد ولا يلزم أن لا يكون حجة بعد الرسول وتقرر المأخذ.

قوله: (الأول لا ينافى كون غيره أيضًا تبيانًا) اعترض بأن تبيان المبين محال.

قوله: (ونحوه) ذهب كثير من الشارحين إلى أنه إشارة إلى مثل قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: ١٠]، إلا أنه لما أورد الآمدى من أدلة نفى الإجماع النواهى العامة للأمة مثل قوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩]، وقوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣]، وقوله: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الإسراء: ٣٣]، جعل العلامة قوله: ونحوه إشارة إلى هذا النوع من الاستدلال ووافقه المحقق والجواب من وجوه:

أحدها: أنه مع لكل أحد لا للكل فلا يستلزم إلا جواز الخطأ على كل أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>