إلى غير القبلة، فذكرنا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال (قد أحسنتم) ولم يأمرنا بالإعادة. وقوله عليه الصلاة والسلام:(رفع عن أمتي الخطأ والنسيان). وقوله:(ما بين المشرق والمغرب قبلة).ولأنها جهة يسقط فرض الصلاة بالتوجه إليها مع العلم بها، فجاز أن يسقط فرض الصلاة بالتوجه إليها مع العلم بالاجتهاد، أصله جهة القبلة ونريد بما قلناه حيال المسايفة، ولأنه صلى إلى جهة هو مأمور بالصلاة إليها، فوجب أن يسقط عنه الفرض كالمسايف إذا صلى إلى غير القبلة، ولأنها عبادة مرتبة مختلفة الأركان، أو عبادة ذات أركان، فجاز أن تصح مع الخطأ في بعض شرائطها حال الاجتهاد كالحج إذا أخطأ الناس الوقوف بعرفة فوقفوا يوم النحر ولأن فرض التوجه مبني على الاجتهاد بدلالة أن من غاب عن الكعبة لا يتوصل إلى فرضه يقينا، وإنما يصل إليه باجتهاده، فإذا أخطأ فقد انتقل من اجتهاد إلى اجتهاد، فلا يفسخ عليه الأول كالحاكم إذا حكم باجتهاده، ثم بان له اجتهاد آخر، ولأن القضاء يسقط عن تارك القبلة مع العلم بها لعذر، وهي المسايفة والتنفل في السفر، ولأن يسقط مع الجهل بها لعذر الاجتهاد أولى.
[٢٠٦] مسألة: اختلف متأخرو أصحابنا، هل يلزمه أن يجتهد في إصابة الجهة أو العين، فمنهم من قال: إلى الجهة، ومنهم من يقول: إلى العين، فوجه اعتبار الجهة قوله تعالى:{فولوا وجوهكم شطره} والشطر النحو، ولأنه لا خلاف أن للناس أن يمدوا صفوفا، وإن كنا نعلم أن من خرج من قدر مقابلتها غير متوجه إلى عينها، وإنما هو متوجه إلى الجهة،