فإن قيل إنهم يصيبون عينها لكونهم بالبعد عنها، وكلما بعد كان إلى الإصابة أقرب، قلنا: هذا غلط لأنا لو تصورنا امتدادهم على حد سواء إلى البيت لم يقابل عينها إلا بعضهم دون من خرج عن قدر مساحته.
[٢٠٧] مسألة: إذا اجتهد رجلان في طلب قبلة فأدى أحدهما اجتهاده إلى جهة والآخر إلى غيرها، لم يجز لأحدهما إلا أن يصلي إلى جهة اجتهاد نفسه، فإن صلى إليها مؤتما بصاحبه فصلاته باطلة، خلافا لما يحكى عن أبي ثور من صحة صلاته، لأن كل واحد منهما معتقد أن الآخر متوجه إلى غير القبلة، وأنه في غير صلاة، فلم يجز أن يأتم به كما لو علم أنه جنب.
[٢٠٨] مسألة: التنفل على الراحلة في السفر حيث توجهت به راحلته يجوز في سفر القصر دون ما قصر عنه، خلافا لأبي حنيفة، والشافعي، في إجازتهما ذلك في طويل السفر وقصيره، لقوله تعالى:{وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} فعم، ولأنه معنى يؤثر في تعيين بنية الصلاة يختص بالسفر، فوجب أن يتعلق بطويله دون قصيره كالقصر.
[٢٠٩] مسألة: قوله لا يجوز ذلك في الحضر على وجه، خلافا لبعض الشافعية في قوله يجوز ذلك للحاضر الذي معيشته على الراحلة كالجمالين ومن أشبههم، للظاهر، ولأنه لاضرورة به إلى ذلك كضرورة المسافر، ولأن من السفر ما لا يجوز ذلك فيه فالحضر أبعدهم اجتهاداً.
[٢١٠] مسألة: إذا اجتهد فأداه اجتهاده إلى أن القبلة في جهة فصلى، ثم أراد أن يصلي صلاة ثانية، فلا أحفظ نصا في هذا الوقت، وعندي أنه يلزمه إعادة الاجتهاد، خلافا لمن قال يجتزئ بالأول، لأنه قد يتبين له، ولأنه مريد للصلاة غائب عن القبلة، فأشبه من لم يتقدم له اجتهاد ولأنه