كان حراما على المهاجر، فلما استثنى الثلاث علم أنها ليست بإقامة فوجب أن يكون ما زاد عليها إقامة. ولأنه ليس له الجمع بين الصلاتين، فلم يكن له القصر، أصله إذا نوى إقامة خمسة عشر يوماً. ولأنه نوى إقامة أيام تزيد على أقل الجمع، فكان القصر غير جائز، أصله ما ذكرناه.
[٣٧١] مسألة: فإن علق مدة الإقامة بانتجاز حاجته، فإنه يقصر سواء تمادت الإقامة إلى أربعة أيام أو أكثر، وللشافعي قولان: أحدهما: يقصر أربعة أيام فقط. والآخر: سبعة عشر يوما أو ثمانية عشر يوما، ودليلنا قوله تعالى:{وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح}، وهذا ضارب فيها واعتباراً به إذا كان مقامه على الحرب بعلة عدم النية فيه واستقرار العزيمة على إقامة أربعة أيام.
[٣٧٢] مسألة: سرايا المسلمين إذا أقاموا في وجه العدو بعزيمة أكثر من أربعة أيام، لهم أن يقصروا. خلافاً لأحد قولي الشافعي أنهم لا يقصرون إلا ثمانية عشر يوماً. لقوله تعالى:{وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح} وما لم يتقرر للمسافر عزم ثابت على إقامة ينتقل بها عن حكم السفر فالاسم يتناولهم. وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وأنس وعبد الرحمن بن سمرة ولا مخالف لهم. ولأن عزمهم لا يعول عليه؛