في التفريق، فإذا جاز ذلك للإمام جاز للمالك؛ ولأنه لما لم يجب صرف صدقة المالك الواحد إلى جماعة الأصناف، لم يجب ذلك في جملة الصدقات؛ ولأنه لما جاز تخصيص بعض الأصناف؛ ولأنه لو كانت الصدقة واجبة للجميع، لكان إذا فقد صنف لا يجوز نقل نصيبه إلى بقية الأصناف الموجودين، كما قلنا فيمن أوصى بثلثه لجماعة، وفقد بعضهم أنه ينتقل قسطه إلى الورثة، دون من بقي من الموصى لهم، فلما أجمعنا على أنه إذا فقد صنف أن قسطه ينقل إلى باقي الأصناف، علم أن الكل محل لجواز صرف الصدقة إليهم.
[٦٠٩] مسألة: زكاة الأموال الظاهرة كالمواشي والحرث يجب دفعها للإمام، وإذا كان عدلا يبعث ساعيا لم يسع المالك أن يفرقها بنفسه، وإن فعل ضمن. خلافاً للشافعي في قوله الجديد: إن رب المال يخير بين أن يفرقها بنفسه، أو يدفعها إلى الإمام فيفرقها؛ لقول الله عزوجل:{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم}. وقوله عليه السلام:(أمرت أن أخذ الصدقة من أغنيائهم) وقوله لمعاذ: (فإن أجابوك فأعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم)، وفي إيجاب الأخذ دليل على إيجاب الدفع، ولأنه مال ظاهر يصرف إلى أقوام بأوصاف، فوجب أن يتولى الإمام تفريقه كالخمس.
[٦١٠] مسألة: إذا وجد المستحق للزكاة في البلد الذي هو فيه المال، لم يجز نقلها إلى بلد آخر، فإن فعل أساء، والنظر على أصول مالك يقتضي أن يجوز. وقال الشافعي لا يجوز وعليه الإعادة. ودليلنا قوله تعالى:{إنما الصدقات للفقراء والمساكين}، ولأنها صدقة صرفها إلى جنس المستحقين للزكاة، فوجب أن يسقط عنه الفرض، أصله إذا فرقها في فقراء البلدة.