للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٦١١] مسألة: إذا اجتهد فدفع الصدقة إلى من ظاهره الفقر، ثم بان له أنه غني، فالصحيح أن عليه الإعادة. خلافاً لأبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي، لقوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين}، ففرضها لهم، فلم تسقط بالدفع إلى غيرهم؛ ولأنه دفعها إلى من ليس بمحل لأخذها، كما لو دفعها إلى من كان ظاهره الإسلام، فبان أنه كافر؛ ولأنه حق لآدمي يضمن بالعمد، فجاز أن يضمن بالخطأ، أصله الوديعة إذا دفعها إلى غير مستحقها.

[٦١٢] مسألة: القوي بالاكتساب يجوز له أخذ الزكاة إذا كان فقيراً، هكذا قال شيوخنا وقال الشافعي: لا يجوز له، فدليلنا قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}، وهذا ما لم يكتسب فقير؛ ولأن ما جُوِّز للمكلف حال فقره، لم تَحرُم عليه لأجل قوته عليه في ثاني حال كالصوم في الكفارة، لما جوز ذلك له لعدم ماله، لم يعتبر في منعه كونه قويا قادراً على أن يكتسب ما يتوصل به إلى العتق.

[٦١٣] مسألة: ليس في قدر الغنى الذي يحرم به أخذ الصدقة حد، إلا أن مالكاً قال: يعطى من له مسكن ودابة؛ لأنه لاغنى عنهما، ويعطى من له أربعون درهما، وقال أبو حنيفة: الغنى وجود نصاب الزكاة أو قيمته، وقال الثوري وأحمد: خمسون درهما، وقال الشافعي: هو ما تحصل به الكفاية مع الدوام فيدل على أن معه نصاب، لا يجوز له أخذ الصدقة. ودليلنا قوله عليه السلام: (أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائهم فأردها في فقرائهم)، فأخبر أن من يؤخذ منه غير من يدفع إليه، وهذا يؤخذ منه الصدقة، فلم يجز دفعها إليه؛ ولأن الغنى حاصل في الحال منه، فلا تعتبر

<<  <  ج: ص:  >  >>