في قوله: ليس له ذبحه، وإنه إن ذبحه لزمه الجزاء. لأنه لما جاز له إمساكه والتصرف فيه وهو حلال في الحرم، جاز له ذبحه كالنعم. ولأن كل من جاز له تملك صيد بالشراء والأمر لغيره باصطياده جاز له ذبحه، أصله الحلال في الحل. ولأنه لو منع من ذلك فسد لحم الصيد، وأدى أن لا يأكل أهل الحرم إلا متغيراً، والفرق بين حرمة الإحرام وحرمة الحرم: أن الإحرام لا يدوم فلا تلحق مشقة في المنع حال حصوله، وحرمة المكان باقية فتلحقهم المشقة بالمنع من الذبح فيه.
[٨١٨] مسألة: إذا قتل المحرم صيداً مملوكاً فعليه القيمة مع الجزاء. خلافاً لمن قال لا جزاء عليه. وعَكَسَ أصحابُ الشافعي عَنّا على ضرب من التحريف وقلة التحصيل. فدليلنا قوله تعالى:{ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل}، ولم يفرق. ولأنه ممنوع من قتله بحرمة الإحرام كالذي ليس بمملوك، ولأن الحقين المختلفين لا يتداخلان كالدية والكفارة في حق الآدمي.
[٨١٩] مسألة: والواجب في جزاء الصيد هدي، ولا بد أن يساق من الحل إلى
الحرم. خلافاً لأبي حنيفة، والشافعي، في قولهما إن اشتراه من الحرم ونحره أجزأه. لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ساق هديه من الحل إلى الحرم، فكان فعله بياناً للمناسك. ولأنه لو اشتراه في الحل ونحره هناك لم يجزه؛ لأنه لم يجمع له بين الحل والحرم، كذلك إذا أفرده بالحرم فلا يجزيه، وكذلك حكم هدي التمتع والقِرَان وغير ذلك. لأن اسم الهدي مأخوذ من الهدية والإهداء، فيجب أن يهدى من غير الحرم إلى الحرم. ولأنه لما كان المحرم يجمع في إحرامه بين الحل والحرم فكذلك في هديه لأن الهدي له محل كما أن الإحرام له محل.